الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4225 22 - حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه قال: قلت لعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا يومئذ حديث السن: أرأيت قول الله تبارك وتعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما فما أرى على أحد شيئا أن لا يطوف بهما! فقالت عائشة: كلا، لو كانت كما تقول كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار; كانوا يهلون لمناة وكانت مناة حذو قديد، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأنزل الله: إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، والحديث قد مضى في الحج مطولا في باب وجود الصفا والمروة ومضى الكلام فيه هناك.

                                                                                                                                                                                  قوله: إن الصفا " مقصورا، مكان مرتفع عند باب المسجد الحرام، وهو أنف من جبل أبي قبيس، وهو الآن إحدى عشرة درجة فوقها أزج كإيوان، فتحة هذا الأزج نحو خمسين قدما، كان عليه صنم على صورة رجل يقال له إساف بن عمرو وعلى المروة صنم على صورة امرأة تدعى نائلة بنت ذئب، ويقال: بنت سهيل، زعموا أنهما زنيا في الكعبة فمسخهما الله عز وجل فوضعا على الصفا والمروة ليعتبر بهما، فلما طالت المدة عبدا، وزعم عياض أن قصيا حولهما فجعل أحدهما ملاصق الكعبة والآخر بزمزم، وقيل: جعلهما بزمزم ونحر عندهما، فلما فتح رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - مكة كسرهما، وفي تفسير مقاتل: كان على الصفا صنم يقال له إساف وعلى المروة صنم يقال له نائلة، فقال الكفار: إنه حرج علينا أن نطوف بهما، فأنزل الله تعالى إن الصفا والمروة الآية، وفي فضائل مكة لرزين: لما زنيا لم يمهل الله تعالى أن يفجرا فيها فمسخهما، فأخرجا إلى الصفا والمروة، فلما كان عمرو بن لحي نقلهما إلى الكعبة ونصبهما على زمزم فطاف الناس.

                                                                                                                                                                                  قوله: والمروة " المروة الحصاة الصغيرة، يجمع قليلها على مروات وكثيرها مرو - مثل تمرة وتمرات وتمر، وقال الزمخشري: الصفا والمروة علمان للجبلين كالصمان والمقطم.

                                                                                                                                                                                  وقيل: سمي الصفا به لأنه جلس عليه آدم صفي الله عليه السلام، والمروة سميت بها؛ لأن حواء عليها السلام جلست عليها.

                                                                                                                                                                                  وفي تفسير النسفي: روي عن ابن عباس أنه كان في المسعى سبعون وثنا، فقال المسلمون: يا رسول الله، هذه الأرجاس الأنجاس في مسعانا، ونحن نتأثم منها! فأنزل الله تعالى فلا جناح عليه أن يطوف بهما أي فلا إثم عليه أن يسعى بينهما ويطوف، فأمر بها فنحيت عن المسعى، وكذلك فعل [ ص: 100 ] بالأوثان التي كانت حول الكعبة شرفها الله تعالى.

                                                                                                                                                                                  قوله: "حذو قديد" الحذو بفتح الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وفي آخره واو، وهو الحذاء والإزاء والمقابل، وقديد بضم القاف وفتح الدال موضع من منازل طريق مكة إلى المدينة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "يتحرجون" أي يتأثمون.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية