الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي: هذا باب في قوله تعالى والذين يتوفون منكم الآية.

                                                                                                                                                                                  قوله: "والذين" أي وأزواج الذين يتوفون منكم، والخطاب [ ص: 120 ] للمسلمين، وقيل: للمكلفين، فإن الكفار مخاطبون بالتفاصيل بشرط الإيمان.

                                                                                                                                                                                  قوله: ويذرون " أي: يتركون.

                                                                                                                                                                                  قوله أزواجا أي زوجات.

                                                                                                                                                                                  قوله: يتربصن " أي بعدهم، وقيل يحبسن أنفسهن وينتظرن أربعة أشهر وعشرا، وهذا الحكم يشمل الزوجات المدخول بهن بالإجماع إلا المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا، فإنها تعتد بالوضع، ولم تمكث بعده سوى لحظة؛ لعموم قوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن وكان ابن عباس يرى أن عليها أن تتربص بأبعد الأجلين من الوضع أو أربعة أشهر وعشرا للجمع بين الآيتين، وكذلك يستثنى منها الزوجة إذا كانت أمة، فإن عدتها على النصف من عدة الحرة شهران وخمسة أيام، وعن الحسن وبعض الظاهرية التسوية بين الحرائر والإماء.

                                                                                                                                                                                  قوله: وعشرا " إنما لم يقل وعشرة ذهابا إلى الليالي، والأيام داخلة فيها، ثم الحكمة في هذه المدة ما قاله الراغب: إن الأطباء يقولون: إن الولد في الأكثر إذا كان ذكرا يتحرك بعد ثلاثة أشهر، وإذا كان أنثى بعد أربعة أشهر، فجعل ذلك عدة المتوفى عنها زوجها، وزيد عليه عشرة أيام للاستظهار، وخصت العشرة; لأنها أكمل الأعداد وأشرفها، وقال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، سألت سعيد بن المسيب: ما بال العشرة؟ قال: فيه ينفخ الروح، وكذا قال أبو العالية، روى عنهما ابن جرير، ومن هنا ذهب أحمد في رواية: إن عدة أم الولد عدة الحرة; لأنها صارت فراشا كالحرائر، وروى فيه حديث عمرو بن العاص: "لا تلبسوا علينا سنة نبينا، عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشرا، ورواه أبو داود وابن ماجه أيضا، وذهب إلى هذا أيضا طائفة من السلف منهم سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ومجاهد، والحسن، وابن سيرين، والزهري وعمر بن عبد العزيز، وبه كان يأمر يزيد بن عبد الملك بن مروان، وهو أمير المؤمنين، وبه يقول الأوزاعي وإسحاق بن راهويه.

                                                                                                                                                                                  وقال طاوس وقتادة: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها نصف عدة الحرة، وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن صالح بن حي: تعتد بثلاث حيض، وهو قول علي وابن مسعود وعطاء وإبراهيم النخعي، وقال مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه: عدتهن حيضة، وبه يقول ابن عمر والشعبي ومكحول والليث، وأبو عبيد، وأبو ثور.

                                                                                                                                                                                  قوله: فإذا بلغن أجلهن " أي إذا انقضت عدتهن، قاله الضحاك والربيع بن أنس.

                                                                                                                                                                                  قوله: فلا جناح عليكم " قال الزمخشري: أيها الأئمة وجماعة المسلمين، وقال الزهري: أي أولياؤها.

                                                                                                                                                                                  قوله: فيما فعلن " يعني: النساء اللاتي انقضت عدتهن من التعرض للخطاب، وعن الحسن والزهري والسدي: بالنكاح الحلال الطيب.

                                                                                                                                                                                  قوله: بالمعروف " أي بالوجه الذي لا ينكره الشرع.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية