الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4273 69 - حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها قالت: تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله إلى قوله أولو الألباب قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  عبد الله بن مسلمة بفتح الميمين ابن قعنب القعنبي، شيخ مسلم أيضا، ويزيد -من الزيادة- ابن إبراهيم أبو سعيد التستري -بضم التاء المثناة من فوق وسكون السين المهملة وفتح التاء الأخرى وبالراء- نسبة إلى تستر مدينة من كور الأهواز، وبها قبر البراء بن مالك، وتسميها العامة ششتر بشينين معجمتين، الأولى مضمومة والثانية ساكنة، وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، واسمه زهير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في القدر عن القعنبي أيضا، وأخرجه أبو داود أيضا عن القعنبي في السنة، وأخرجه الترمذي في التفسير، وقال: روى هذا الحديث غير واحد عن ابن أبي مليكة عن عائشة، ولم يذكروا القاسم، وإنما ذكره يزيد بن إبراهيم عن القاسم في هذا الحديث، وعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة سمع من عائشة أيضا انتهى، وفيه نظر؛ لأن غير يزيد ذكر فيه القاسم وهو حماد بن سلمة، قال الإسماعيلي: أنبأنا الحسن بن علي الشطوي، حدثنا ابن المديني، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن ابن أبي مليكة قال: حدثني القاسم بن محمد عن عائشة فذكره، قال الإسماعيلي: ذكر حماد في هذا الحديث للاستشهاد على موافقته يزيد بن إبراهيم في الإسناد، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا يزيد بن إبراهيم، وحماد بن سلمة عن ابن أبي مليكة عن القاسم، ورواه حماد بن سلمة أيضا عند الطبري عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي: قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية، وهي قوله هو الذي أنزل عليك الكتاب الآية.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه" قال الطبري: قيل: إن هذه الآية نزلت في الذين جادلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمر عيسى عليه السلام، وقيل: في أمر هذه الأمة، وهذا أقرب; لأن أمر عيسى عليه السلام أعلمه الله نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأمته، وبينه لهم بخلاف أمر هذه الأمة، فإن علم أمرهم خفي على العباد.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فأولئك الذين سمى الله" قال ابن عباس: هم الخوارج، قيل: أول بدعة وقعت في الإسلام بدعة الخوارج، ثم كان ظهورهم في أيام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ونحل كثيرة منتشرة، ثم نبعت القدرية، ثم المعتزلة، ثم الجهمية، وغيرهم من أهل البدع التي أخبر عنها الصادق المصدوق في قوله: "وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة. قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي" أخرجه الحاكم في مستدركه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فاحذروهم" بصيغة الجمع والخطاب للأمة، وفي رواية الكشميهني: "فاحذرهم" بالإفراد أي احذرهم أيها المخاطب.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية