الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  386 59 - حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ، ولكن شرقوا أو غربوا . قال أبو أيوب : فقدمنا الشأم فوجدنا مراحيض بنيت قبل القبلة ، فننحرف ونستغفر الله تعالى .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقة هذا الحديث للترجمة في قوله " شرقوا أو غربوا " ؛ لأنه قال فيها : ليس في المشرق ولا في المغرب قبلة ، فإذا لم تكن فيهما قبلة يتوجه المستنجي إليها إما يشرق وإما يغرب .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) : وهم خمسة ؛ علي بن عبد الله المديني ، وسفيان هو ابن عيينة ، والزهري هو محمد بن مسلم بن شهاب ، واسم أبي أيوب خالد بن زيد رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع ، وفيه أن رواته ما بين بصري ومكي ومدني .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) : أخرجه البخاري أيضا في الطهارة عن آدم بن أبي إياس عن ابن أبي ذئب عن الزهري ، وأخرجه مسلم فيها عن يحيى بن يحيى وزهير وابن نمير ، وأبو داود فيها أيضا عن مسدد ، والترمذي أيضا عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي ؛ خمستهم عن سفيان به ، والنسائي أيضا عن محمد بن منصور عن سفيان به ، وابن ماجه كذلك عن أبي الطاهر بن السرح عن ابن وهب عن يونس عن الزهري نحوه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) : قوله ( الغائط ) اسم للأرض المطمئنة لقضاء الحاجة .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فقدمنا الشام ) وهو إقليم مشهور يذكر ويؤنث ، ويقال مهموزا ومسهلا ، وسميت بسام بن نوح عليه الصلاة والسلام لأنه أول من نزلها فجعلت السين شينا معجمة تغييرا للفظ الأعجمي ، وقيل : سميت بذلك لكثرة قراها وتداني بعضها من بعض ، فشبهت بالشامات .

                                                                                                                                                                                  قوله ( مراحيض ) بفتح الميم وبالحاء المهملة والضاد المعجمة ، جمع مرحاض - بكسر الميم - وهو البيت المتخذ لقضاء حاجة الإنسان ؛ أي : التغوط .

                                                                                                                                                                                  قوله ( قبل الكعبة ) بكسر القاف وفتح الباء الموحدة ؛ أي : مقابلها .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فننحرف ) ؛ أي : عن جهة القبلة ، من الانحراف ، ويروى " فنتحرف " من التحرف . قوله ( ونستغفر الله تعالى ) ، قيل : نستغفر الله لمن بناها ، فإن الاستغفار للمذنبين سنة . وقيل : نستغفر الله من الاستقبال . وقيل : نستغفر الله من ذنوبه . ويقال : لعل أبا أيوب لم يبلغه حديث ابن عمر في ذلك ولم يره مخصصا ، وحمل ما رواه على العموم ، وهذا الاستغفار لنفسه لا للناس على هذه الهيئة ، ( فإن قلت ) : الغالط والساهي لم يفعل إثما فلا حاجة فيه إلى الاستغفار - قلت : أهل الورع والمناصب العلية في التقوى قد يفعلون مثل هذا بناء على نسبتهم التقصير إلى أنفسهم في التحفظ ابتداء ، وقد مر ما يستنبط منه فيما مضى في كتاب الوضوء .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية