الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4306 104 - حدثنا صدقة، أخبرنا يحيى، عن سفيان، عن سليمان، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله، قال يحيى: بعض الحديث عن عمرو بن مرة قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: اقرأ علي. قلت: آقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: فإني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال: أمسك، فإذا عيناه تذرفان

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وصدقة هو ابن الفضل أبو الفضل المروزي، ويحيى بن سعيد القطان، وسفيان هو الثوري، وسليمان هو الأعمش، وإبراهيم هو النخعي، وعبيدة بفتح العين وكسر الباء الموحدة ابن عمرو السلماني.

                                                                                                                                                                                  ومن سفيان إلى آخره كلهم كوفيون، وفيه ثلاثة من التابعين على نسق واحد، وهم سليمان وإبراهيم وعبيدة، وعبد الله هو ابن مسعود، وعمرو بفتح العين ابن مرة بضم الميم وتشديد الراء الجملي بفتح الجيم التابعي.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري في فضائل القرآن عن محمد بن يوسف، وعن عمر بن حفص، وعن مسدد، وأخرجه مسلم في الصلاة عن أبي بكر وغيره، وأخرجه أبو داود في العلم عن عثمان بن أبي شيبة، وأخرجه الترمذي في التفسير عن محمود بن غيلان وغيره، وأخرجه النسائي فيه عن هناد بن السري به، وفي فضائل القرآن عن سويد بن نصر به، وعن غيره.

                                                                                                                                                                                  قوله: "قال يحيى" هو القطان، وقال الكرماني : قد ذكر البخاري كلام يحيى للتقوية وإلا فإسناد عمرو مقطوع، وبعض الحديث مجهول.

                                                                                                                                                                                  قلت: ظاهره كذا، ولكنه أوضحه في فضائل القرآن في باب البكاء عند قراءة القرآن عن مسدد عن يحيى عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله.

                                                                                                                                                                                  قال الأعمش: وبعض الحديث حدثني عمرو بن مرة، عن إبراهيم، عن أبيه عن أبي الضحى، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: "اقرأ علي" الحديث.

                                                                                                                                                                                  قوله: "اقرأ علي" فيه أن القراءة من الغير أبلغ في التدبر والتفهم من قراءة الإنسان بنفسه، وفيه فضل ظاهر لعبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، وفي تفسير عبد: لما قرأ عبد الله هذه الآية قال سيدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: "من سره أن يقرأ القرآن غضا كما نزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد".

                                                                                                                                                                                  قوله: "فإذا عيناه" كلمة إذا للمفاجأة، وعيناه مبتدأ وتذرفان خبره، أي عينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تطلقان دمعهما، يقال: ذرف الدمع بالذال المعجمة، وذرفت العين دمعها.

                                                                                                                                                                                  وفي بكاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وجوه:

                                                                                                                                                                                  الأول: قال ابن الجوزي: بكاؤه صلى الله تعالى عليه وسلم عند هذه الآية الكريمة؛ لأنه لا بد من أداء الشهادة والحكم على المشهود عليه، إنما يكون بقول الشاهد، فلما كان صلى الله تعالى عليه وسلم هو الشاهد وهو الشافع بكى على المفرطين منهم.

                                                                                                                                                                                  الثاني: أنه بكى لعظم ما تضمنته هذه الآية الكريمة من هول المطلع وشدة الأمر؛ إذ يؤتى بالأنبياء عليهم السلام شهداء على أممهم بالتصديق والتكذيب.

                                                                                                                                                                                  الثالث: أنه بكى فرحا لقبول شهادة أمته صلى الله تعالى عليه وسلم يوم القيامة، وقبول تزكيته لهم في ذلك اليوم العظيم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية