الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4347 وإذ قال الله يقول: قال الله، وإذ هاهنا صلة

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أشار به إلى قوله تعالى وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم وأن لفظ قال الذي هو ماض بمعنى يقول المضارع; لأن الله تعالى إنما يقول هذا القول يوم القيامة، وأن كلمة "إذ" صلة أي: زائدة. وقال الكرماني: لأن إذ للماضي وهاهنا المراد به المستقبل. قلت: اختلف المفسرون هنا، فقال قتادة: هذا خطاب الله تعالى لعبده ورسوله عيسى ابن مريم عليهما السلام يوم القيامة توبيخا وتقريعا للنصارى، وقال السدي: هذا الخطاب والجواب في الدنيا. وقال ابن جرير: هذا هو الصواب، وكان ذلك حين رفعه إلى السماء الدنيا، واحتج في ذلك بشيئين:

                                                                                                                                                                                  أحدهما: أن لفظ الكلام لفظ الماضي.

                                                                                                                                                                                  والثاني قوله إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم

                                                                                                                                                                                  قلت: فعلى هذا لا يتوجه ما قاله من أن قال بمعنى يقول، ولا أن كلمة إذ صلة، على أنه لا يقال: إن في كلام الله عز وجل شيئا زائدا، ولئن سلمنا وقوع ذلك يوم القيامة فلا يلزم من ذلك ذكره بلفظ المضارع; لأن كل ما ذكر الله من وقوع شيء في المستقبل فهو كالواقع جزما; لأنه محقق الوقوع، فكأنه قد وقع وأخبر بالماضي، ونظائر هذا في القرآن كثيرة.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: قوله: "وإذ قال الله، يقول: قال الله، وإذ هاهنا صلة" كذا ثبت هذا وما بعده هنا، وليس بخاص به، وهو على ما قدمناه من ترتيب بعض الرواة. انتهى.

                                                                                                                                                                                  قلت: كيف رضي أكثر الرواة بهذا الترتيب الذي ما رتبه المؤلف، والحال أنه نقح مؤلفه كما ينبغي، وقرئ عليه مرارا عديدة، والقرائن تدل على أن هذا وأمثاله من وضع المؤلف، وغيره ممن هو دونه لا يستجرئ أن يزيد شيئا في نفس ما وضعه هو، ولا سيما إذا كان ذلك بغير مناسبة أو بتعسف فيه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية