الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  405 77 - حدثنا آدم قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا قتادة قال : سمعت أنس بن مالك قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، ورجاله قد ذكروا غير مرة ، وفيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع ، وفيه التصريح بسماع قتادة عن أنس ، وفيه القول .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه مسلم في الصلاة عن يحيى بن حبيب عن خالد بن الحارث ، وأخرجه أبو داود فيه عن مسلم بن إبراهيم .

                                                                                                                                                                                  قوله ( البزاق في المسجد ) ، وفي رواية مسلم : " التفل في المسجد " بالتاء المثناة من فوق ، وفي رواية أبي داود : " وكفارته أن تواريه " ؛ أي : أن تغيبه ، يعني تدفنه .

                                                                                                                                                                                  قوله ( في المسجد ) ظرف للفعل ، فلا يشترط كون الفاعل فيه ، حتى لو بصق من هو خارج المسجد فيه يتناوله النهي .

                                                                                                                                                                                  قوله ( خطية ) ؛ أي : إثم ، وأصلها بالهمزة ولكن يجوز تشديد الياء .

                                                                                                                                                                                  واختلف العلماء في المراد بدفن البزاق ؛ فالجمهور على أنه الدفن في تراب المسجد ورمله وحصائه إن كانت فيه هذه الأشياء وإلا يخرجه ، وروى أبو داود من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : من دخل هذا المسجد فبزق فيه أو تنخم فليحفر فليدفنه ، فإن لم يفعل فليبزق في ثوبه ثم ليخرج به .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فإن لم يفعل ) ؛ أي : فإن لم يحفر أو لم يمكن الحفر " فليبزق في ثوبه " . وروى الطبراني في الأوسط عن ابن عباس يرفعه : البزاق في المسجد خطية ، وكفارته دفنه . وإسناده ضعيف ، وقال النووي : هذا في غير المسجد ، وأما المصلي في المسجد فلا يبزق إلا في ثوبه . ورد عليه بأحاديث كثيرة أن ذلك كان في المسجد ، وروى أحمد في مسنده من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعا بإسناد حسن : من تنخم في المسجد فليغيب نخامته أن تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه . وروى أحمد أيضا والطبراني بإسناد حسن من حديث أبي أمامة مرفوعا قال : من تنخع في المسجد فلم يدفنه فسيئة ، وإن دفنه فحسنة . وفي حديث مسلم عن أبي ذر : ووجدت في مساوئ أعمال أمتي النخامة تكون في المسجد ولا تدفن . وقال القرطبي : فلم يثبت لها حكم السيئة بمجرد إيقاعها في المسجد ، بل به وبتركها غير مدفونة . وروى سعيد بن منصور عن أبي عبيدة أنه تنخم في المسجد ليلة فنسي أن يدفنها حتى رجع إلى منزله ، فأخذ شعلة من نار ثم جاء فطلبها حتى دفنها ، ثم قال : الحمد لله الذي لم يكتب علي خطيئة الليلة . .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية