الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4391 188- حدثني بشر بن خالد أبو محمد، أخبرنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن أبي مسعود، قال: لما أمرنا بالصدقة كنا نتحامل، فجاء أبو عقيل بنصف صاع، وجاء إنسان بأكثر منه، فقال المنافقون: إن الله لغني عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رياء، فنزلت الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم الآية.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وبشر -بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة- وسليمان هو الأعمش، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وأبو مسعود عقبة -بضم العين المهملة وسكون القاف- ابن عامر البدري، والحديث مضى في كتاب الزكاة في باب "اتقوا النار ولو بشق تمرة".

                                                                                                                                                                                  قوله: "لما أمرنا بالصدقة" على صيغة المجهول، وفي لفظ كتاب الزكاة: لما نزلت آية الصدقة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "كنا نتحامل" أي نتكلف بالحمل، يقال: تحاملت الشيء، أي تكلفته، وقيل: معناه أي يحمل بعضنا لبعض بالأجرة، وفي لفظ كتاب الزكاة: "نحامل" أي نؤاجر أنفسنا في الحمل، وفي المحكم: نحامل في الأمر، أي نتكلفه على مشقة، ومنه: تحامل على فلان: أي كلفه ما لا يطيق.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فجاء أبو عقيل" بفتح العين المهملة، وكسر القاف، واسمه حبحاب بحاءين مهملتين بينهما باء موحدة ساكنة، وفي آخره باء أخرى، وذكر السهيلي أنه رآه بخط بعض الحفاظ مضبوطا بجيمين، وقال الذهبي في تجريد الصحابة: أبو عقيل صاحب الصاع الذي لمزه المنافقون، قال قتادة: اسمه حبحاب، وقال أبو عمر في كتاب الاستيعاب: قال ابن إسحاق: أبو عقيل صاحب الصاع أخو بني أنيف الرياشي حليف بني عمرو بن عوف، أتى بصاع تمر فأفرغه في الغرفة، فتضاحك به المنافقون، وقالوا: إن الله لغني عن صاع أبي عقيل، وروى ابن جرير بإسناده عن ابن أبي عقيل، عن أبيه قال: بت آجرا لأجير على صاعين من تمر، فانقلبت بأحدهما إلى أهلي يبلغون به، وجئت بالآخر أتقرب إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فأتيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فأخبرته، فقال: انثره في الصدقة، قال: فسخر القوم، وقالوا: لقد كان الله غنيا عن صدقة هذا المسكين، فأنزل الله تعالى الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات الآيتين، وكذا رواه الطبراني من حديث زيد بن الحباب به، وقال: اسم أبي عقيل حباب، ويقال: عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة، وروى أحاديث في هذا الباب يدل على تعدد من جاء بالصاع، وقال الكرماني: تقدم في أوائل الزكاة أنه جاء بصاع تمر، ثم أجاب: لعل ذلك الرجل غير أبي عقيل، مع أنه لا منافاة بين الشيء ونصفه، وهو من قبيل مفهوم العدد. انتهى.

                                                                                                                                                                                  قلت: هناك "فجاء رجل بصاع" ولم يسم الرجل، فيحتمل أن يكون أبا عقيل، ويحتمل أن يكون غيره، وهنا صرح بأنه أبو عقيل الذي جاء بنصف صاع، ولا منافاة بينهما.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية