الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4404 201 - حدثنا الحسن بن محمد بن صباح، حدثنا حجاج قال: قال ابن جريج، أخبرني محمد بن عباد بن جعفر، أنه سمع ابن عباس يقرأ " ألا إنهم يثنوني صدورهم " قال: سألته عنها فقال: أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، والحسن بن محمد بن صباح بتشديد الباء الموحدة أبو علي الزعفراني مات يوم الاثنين لثمان بقين من رمضان سنة ستين ومائتين، وحجاج هو ابن محمد الأعور ترمذي سكن المصيصة، وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ومحمد بن عباد -بتشديد الباء الموحدة- ابن جعفر المخزومي.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ألا إنهم) كلمة تنبيه تدل على تحقق ما بعدها.

                                                                                                                                                                                  قوله: (يثنوني) بفتح الياء آخر الحروف، وسكون الثاء المثلثة، وفتح النون، وسكون الواو، وكسر النون الأخيرة - هو مضارع على وزن يفعوعل، وماضيه اثنونى على وزن افعوعل من الثني على طريق المبالغة، كما تقول احلولى للمبالغة من الحلاوة، وقال بعضهم: هذا بناء مبالغة كاعشوشب.

                                                                                                                                                                                  قلت: كان ينبغي أن يقول كيعشوشب فأحد الشينين والواو زائدتان؛ لأنه من عشب، وقرئ بالتاء المثناة في أوله موضع الياء آخر الحروف، وعلى الوجهين لفظ "صدورهم" مرفوع به، والقراءة المشهورة "يثنون" بلفظ الجمع المذكر المضارع، والضمير فيه راجع إلى المنافقين، و"صدورهم" منصوب به، وقرئ لتثنوني بزيادة اللام في أوله، وتثنون أصله تثنوين من الثن بكسر الثاء المثلثة، وتشديد النون، وهو ما هش وضعف من الكلاء، يريد مطاوعة صدورهم للثني كما يثنى النبات من هشه، وأراد ضعف إيمانهم، ومرض قلوبهم، وقرئ "تثنئن" من اثنان على وزن افعال منه، ولكنه همز كما قيل ابيأضت من ابياضت، وقرئ يثنوي على وزن يرعوي.

                                                                                                                                                                                  قوله: (كانوا يستحيون) من الحياء، ويروى "يستخفون" من الاستخفاء، وقال ابن عباس: كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أن يتخلوا) أي أن يقضوا الحاجة في الخلاء وهم عراة، وحكى ابن التين بفتح الحاء المهملة، ثم حكى عن الشيخ أبي الحسن القابسي أنه أحسن أي يرقدون على حلاوة قفاهم.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فيفضوا) من أفضى الرجل إلى امرأته إذا باشرها، وفي رواية أبي أسامة: كانوا لا يأتون النساء ولا الغائط إلا وقد تغشوا بثيابهم؛ كراهة أن يفضوا بفروجهم إلى السماء، فنزل ذلك، أي قوله عز وجل ألا إنهم يثنون الآية.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية