الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4449 [ ص: 43 ] 247 - حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم قال : أخبرني يعلى بن مسلم ، وعمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير يزيد أحدهما على صاحبه ، وغيرهما قد سمعته يحدثه عن سعيد قال : إنا لعند ابن عباس في بيته إذ قال : سلوني ، قلت : أي أبا عباس ، جعلني الله فداءك ، بالكوفة رجل قاص يقال له : نوف ، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل ، أما عمرو فقال لي : قال : قد كذب عدو الله ، وأما يعلى فقال لي : قال ابن عباس : حدثني أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم موسى رسول الله عليه السلام قال : ذكر الناس يوما حتى إذا فاضت العيون ، ورقت القلوب ولى فأدركه رجل فقال : أي رسول الله ، هل في الأرض أحد أعلم منك ؟ قال : لا ، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله ، قيل : بلى ، قال : أي رب ، فأين قال بمجمع البحرين ؟ قال : أي رب اجعل لي علما أعلم ذلك به ، فقال لي عمرو : قال : حيث يفارقك الحوت ، وقال لي يعلى : خذ نونا ميتا حيث ينفخ فيه الروح ، فأخذ حوتا فجعله في مكتل فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني حيث يفارقك الحوت ، قال : ما كلفت كثيرا ، فذلك قوله جل ذكره وإذ قال موسى لفتاه يوشع بن نون ليست عن سعيد ، قال : فبينما هو في ظل صخرة في مكان ثريان إذ تضرب الحوت ، وموسى نائم فقال فتاه : لا أوقظه حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره وتضرب الحوت حتى دخل البحر فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كأن أثره في حجر قال لي عمرو هكذا كأن أثره في حجر ، وحلق بين إبهاميه واللتين تليانهما لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال قد قطع الله عنك النصب ليست هذه عن سعيد أخبره فرجعا ، فوجدا خضرا ، قال لي عثمان بن أبي سليمان على طنفسة خضراء على كبد البحر ، قال سعيد بن جبير : مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه ، وطرفه تحت رأسه ، فسلم عليه موسى ، فكشف عن وجهه وقال : هل بأرضي من سلام ؟ من أنت ؟ قال : أنا موسى ، قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم ، قال : فما شأنك ؟ قال : جئت لتعلمني مما علمت رشدا قال : أما يكفيك أن التوراة بيديك ، وأن الوحي يأتيك يا موسى ، إن لي علما لا ينبغي لك أن تعلمه ، وإن لك علما لا ينبغي لي أن أعلمه ، فأخذ طائر بمنقاره من البحر وقال : والله ما علمي وما علمك في جنب علم الله إلا كما أخذ هذا الطائر بمنقاره من البحر حتى إذا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أهل هذا الساحل إلى أهل هذا الساحل الآخر عرفوه ، فقالوا : عبد الله الصالح ، قال : قلنا لسعيد : خضر ؟ قال : نعم ، لا نحمله بأجر فخرقها ، ووتد فيها وتدا ، قال موسى : أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال مجاهد : منكرا قال : ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا كانت الأولى نسيانا ، والوسطى شرطا ، والثالثة عمدا قال : لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا لقيا غلاما فقتله ، قال يعلى : قال سعيد : وجد غلمانا يلعبون فأخذ [ ص: 44 ] غلاما كافرا ظريفا فأضجعه ثم ذبحه بالسكين قال : أقتلت نفسا زكية بغير نفس لم تعمل بالحنث ، وكان ابن عباس قرأها : زكية " زاكية " مسلمة ، كقولك : غلاما زاكيا ، فانطلقا ، فوجدا جدارا يريد أن ينقض فأقامه ، قال سعيد بيده هكذا ، ورفع يده فاستقام قال يعلى : حسبت أن سعيدا قال : فمسحه بيده فاستقام لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال سعيد : أجرا نأكله وكان وراءهم وكان أمامهم ، قرأها ابن عباس : أمامهم ملك ، يزعمون عن غير سعيد أنه هدد بن بدد ، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ، ملك يأخذ كل سفينة غصبا فأردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها ، فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها ، ومنهم من يقول : سدوها بقارورة ، ومنهم من يقول : بالقار ، كان أبواه مؤمنين ، وكان كافرا فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما لقوله أقتلت نفسا زكية وأقرب رحما هما به أرحم منهما بالأول الذي قتل خضر وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ، وأما داود بن أبي عاصم فقال عن غير واحد : إنها جارية .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه في توضيحها وهو طريق آخر برواية آخرين ، وبزيادة ونقصان في المتن ، أخرجه عن إبراهيم بن موسى أبو إسحاق الفراء الرازي المعروف بالصغير عن هشام بن يوسف الصنعاني قاضيها عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، عن يعلى بفتح الياء آخر الحروف ، وسكون العين المهملة ، وفتح اللام ، وبالقصر ابن مسلم بلفظ اسم الفاعل من الإسلام ابن هرمز إلى آخره .

                                                                                                                                                                                  قوله : "يزيد أحدهما على صاحبه" أي أحد المذكورين ، وهما يعلى بن مسلم ، وعمرو بن دينار فقط ، وهو أحد شيخي ابن جريج فيه ، وهنا ابن جريج يروي عن يعلى بن مسلم ، وعمرو بن دينار ، قوله : "وغيرهما قد سمعته يحدثه عن سعيد" هذا من كلام ابن جريج أي غير يعلى بن مسلم ، وعمرو بن دينار قد سمعته يحدث هذا الحديث عن سعيد بن جبير ، وقد عين ابن جريج بعض من أبهمه في قوله : وغيرهما ، وهو عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم القرشي المكي رضي الله تعالى عنه ، فإن قلت : كيف إعراب هذا ؟ قلت : غيرهما مبتدأ ، وقوله : "قد سمعته" جملة وقعت خبرا ، والضمير المنصوب فيه يرجع إلى لفظ "غير" ، وقوله : "يحدثه" جملة وقعت حالا ، ووقع في رواية الكشميهني "يحدث" بحذف الضمير المنصوب ، قوله : "عن سعيد" أي سعيد بن جبير رضي الله تعالى عنه ، قوله : "لعند ابن عباس" اللام فيه مفتوحة للتأكيد ، أي قال سعيد بن جبير : أنا كنت عند عبد الله بن عباس حال كونه في بيته ، قوله : "أي أبا عباس" أي يا أبا عباس ، وأبو عباس كنية عبد الله بن عباس ، قوله : "بالكوفة رجل قاص" هكذا رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره : "إن بالكوفة رجلا قاصا" ، والقاص بتشديد الصاد الذي يقص الناس الأخبار من المواعظ وغيرها ، قوله : "أما عمرو فقال لي : كذب عدو الله" أراد أن ابن جريج قال : أما عمرو بن دينار فإنه قال لي في روايته : قال ابن عباس : كذب عدو الله ، وأشار بهذا إلى أن هذه الكلمة لم تقع في رواية يعلى بن مسلم ، ولهذا قال : وأما يعلى أي ابن مسلم الراوي فإنه قال لي : قال ابن عباس إلى آخره ، قوله : "ذكر الناس" بتشديد الكاف من التذكير ، قوله : "ولى" أي رجع إلى حاله .

                                                                                                                                                                                  قوله : "فقال : أي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم" أي يا رسول الله ، قاله لموسى عليه الصلاة والسلام ، قوله : "قيل : بلى" أي بلى في الأرض أحد أعلم منك ، وفي رواية مسلم : "إن في الأرض رجلا هو أعلم منك" ووقع في رواية سفيان : فأوحى الله إليه : إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك ، وعلم من هاتين الروايتين أن القائل في قوله : "بلى" هو الله تعالى ، فأوحى الله إليه بذلك ، قوله : "أي رب فأين" يعني يا رب أين هو في أي مكان ، وفي رواية سفيان : يا رب فكيف لي به ، وفي رواية النسائي : فأدلني على هذا الرجل حتى أتعلم منه ، قوله : "علما" بفتح العين واللام أي علامة ، قوله : "أعلم ذلك به" أي أعلم المكان الذي أطلبه بالعلم ، قوله : "فقال لي عمرو" ، القائل هو ابن جريج الراوي ، أي قال [ ص: 45 ] لي عمرو بن دينار ، قوله : "حيث يفارقك الحوت" أي العلم على ذلك المكان الذي يفارقك فيه الحوت ، ووقع ذلك مفسرا في رواية سفيان ، عن عمرو ، وقال : تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل ، فحيث ما فقدت الحوت فهو ثم ، قوله : "قال لي" يعني القائل هو ابن جريج أي قال لي يعلى بن مسلم في روايته : خذ نونا أي حوتا ، ولفظ "نونا" وقع في رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره "حوتا" ، وفي رواية مسلم "تزود حوتا مالحا فإنه حيث تفقد الحوت" ، قوله : "حيث ينفخ فيه" أي في النون الروح يعني حيث تفقده في المكان الذي يحيا الحوت ، قوله : "فأخذ نونا" أي فأخذ موسى حوتا ووقع في رواية ابن أبي حاتم أن موسى ويوشع فتاه اصطاداه ، قوله : "فقال لفتاه" وهو يوشع بن نون ، قوله : "ما كلفت كثيرا" بالثاء المثلثة ، وفي رواية الكشميهني بالباء الموحدة ، قوله : "ليست عن سعيد" القائل به هو ابن جريج ، أراد بذلك أن تسمية الفتى ليست عن رواية سعيد بن جبير ، قوله : "ثريان" بفتح الثاء المثلثة وسكون الراء وتخفيف الياء آخر الحروف على وزن فعلان من الثرى ، وهو التراب الذي فيه نداوة ، قوله : "تضرب" أي اضطرب ، وفي رواية سفيان "واضطرب الحوت في المكتل فسقط في البحر" ، وفي رواية مسلم "فاضطرب الحوت في الماء" ، قوله : "وموسى نائم" جملة حالية ، قوله : "حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره" فيه حذف تقديره حتى إذا استيقظ سار فنسي ، قوله : "في حجر" بفتح الحاء المهملة والجيم ، ويروى بضم الجيم وسكون الحاء المهملة ، وهو أوضح ، قوله : "قال لي عمرو" القائل هو ابن جريج ، أي قال لي عمرو بن دينار ، قوله : "واللتين تليانهما" يعني السبابتين ، وهكذا وقع في رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره "وحلق بين إبهاميه" فقط ، قوله : "لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا وقع هنا مختصرا ، وفي رواية سفيان : "فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ، قوله : "قال : قد قطع الله عنك النصب" هذا من قول ابن جريج ، وليست هذه اللفظة عن سعيد بن جبير ، قوله : "أخبره" بفتح الهمزة وسكون الخاء وفتح الباء الموحدة والراء وهاء الضمير هكذا في رواية من الإخبار ، قال بعضهم : أي أخبر الفتى موسى بالقصة ، قلت : ما أظن أن هذا المعنى صحيح ، والذي يظهر لي أن المعنى نفي الإخبار عن سعيد بهذه اللفظة لمن روى عنه ، وفي رواية لأبي ذر آخره بهمزة ومعجمة وراء وهاء ، وفي أخرى بمد الهمزة وكسر الخاء وفتح الراء بعدها هاء الضمير ، أي إلى آخر الكلام ، وفي أخرى بفتحات وتاء تأنيث منونة منصوبة ، قال لي عثمان بن أبي سليمان : القائل ابن جريج يقول : قال لي عثمان ، وقد مرت ترجمته عن قريب ، قوله : "على طنفسة" وهي فرش صغير ، وقيل : بساط له خمل ، وفيها لغات كسر الطاء والفاء بينهما نون ساكنة وضم الطاء والفاء وكسر الطاء وفتح الفاء ، قوله : "على كبد البحر" أي على وسطه ، وهذه الرواية القائلة بأنه كان في وسط البحر غريبة ، قوله : "هل بأرضي من سلام" ، وفي رواية الكشميهني : "هل بأرض" ، قوله : "ما شأنك" أي ما الذي تطلب ، ولما جئت ، قوله : "رشدا" قرأ أبو عمرو بفتحتين ، والباقون كلهم بضم أوله وسكون ثانيه ، والجمهور على أنهما بمعنى ، قوله : "معابر" جمع معبرة ، وهي السفن الصغار ، قوله : "خضرا" أي هو خضر ، قوله : قالوا هذا لسعيد بن جبير قال : نعم ، قيل : القائل بذلك يعلى بن مسلم ، والله أعلم ، قوله : "ووتدها" بفتح الواو وتشديد التاء المثناة من فوق ، أي جعل فيها وتدا ، وفي رواية سفيان : قلع لوحا بالقدوم ، والجمع بين الروايتين أنه قلع اللوح وجعل مكانه وتدا ، وروى عبد بن حميد من رواية ابن المبارك عن ابن جريج ، عن يعلى بن مسلم : جاء بود حين خرقها ، والود بفتح الواو وتشديد الدال لغة في الوتد ، قلت : الوتد إنما كان للإصلاح ودفع نفوذ الماء ، وفي رواية أبي العالية : فخرق السفينة فلم يره أحد إلا موسى ، ولو رآه القوم لحالوا بينه وبين ذلك ، قوله : "قال مجاهد منكرا" وصل ابن المنذر هذا التعليق عن علي بن المبارك ، عن زيد بن ثور ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : "نسيانا" حيث قال لا تؤاخذني بما نسيت وشرطا حيث قال إن سألتك عن شيء بعدها وعمدا حيث قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا قوله : "لقينا غلاما" في رواية سفيان : فبينما هما يمشيان على ساحل البحر إذ أبصر الخضر غلاما ، قوله : "قال يعلى" هو يعلى بن مسلم الراوي ، وسعيد هو ابن جبير ، قوله : "ثم ذبحه بالسكين" ، فإن قلت : قال أولا : فقتله ، ثم قال : فذبحه ، وفي رواية سفيان : فاقتلعه بيده ، قلت : لا منافاة بينها لأنه لعله قطع بعضه بالسكين ثم قلع الباقي [ ص: 46 ] والقتل يشملهما ، قوله : "لم يعمل بالحنث" بكسر الحاء المهملة وسكون النون وبالثاء المثلثة ، وهو الإثم والمعصية ، قوله : "قرأها" كذا هو في رواية أبي ذر ، وفي رواية غيره : وكان ابن عباس يقرؤها زكية ، وهي قراءة الجمهور ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : زاكية ، قوله : "مسلمة" بضم الميم وسكون السين وكسر اللام عند الأكثرين ، ولبعضهم بفتح السين وتشديد اللام المفتوحة ، قوله : "فانطلقا" أي موسى وخضر عليهما السلام ، قوله : "يزعمون عن غير سعيد" القائل بهذا هو ابن جريج ، ومراده أن اسم الملك الذي كان يأخذ السفن لم يقع في رواية سعيد بن جبير ، وعزاه ابن خالويه في كتاب ليس لمجاهد ، قوله : "هدد" بضم الهاء ، وحكى ابن الأثير فتحها والدال مفتوحة بلا خلاف ، قوله : "بدد" بفتح الباء الموحدة ، وقال الكرماني : بضم الباء والدال مفتوحة ، وزعم ابن دريد أن هدد اسم ملك من ملوك حمير زوجه سليمان بن داود عليهما السلام بلقيس ، قيل : إن ثبت هذا حمل على التعدد والاشتراك في الاسم لبعد ما بين مدة سليمان وموسى عليهما السلام ، وجاء في تفسير مقاتل أن اسمه منولة بن الجلندي بن سعيد الأزدي ، وقيل : هو الجلندي ، وكان بجزيرة الأندلس ، قوله : "والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور" القائل بذلك هو ابن جريج ، وجيسور بفتح الجيم وسكون الياء آخر الحروف وضم السين المهملة كذا هو في رواية عن أبي ذر ، وفي رواية أخرى له عن الكشميهني بفتح الهاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف ، وكذا في رواية ابن السكن ، وفي رواية القابسي بنون بدل الياء آخر الحروف ، وعند عبدوس بنون بدل الراء ، وعن السهيلي أنه رآه في نسخة بفتح المهملة والموحدة ونونين الأولى مضمومة بينهما الواو الساكنة ، وفي تفسير الضحاك اسمه حشرد ، وفي تفسير الكلبي اسم الغلام شمعون ، قوله : يأخذ كل سفينة غصبا " ، وفي رواية النسائي : كل سفينة صالحة ، وفي رواية إبراهيم بن بشار ، عن سفيان وكان ابن مسعود يقرأ : كل سفينة صحيحة غصبا ، قوله : "فأردت إذا هي مرت به أن يدعها" أي أن يتركها لأجل عيبها ، وفي رواية النسائي : فأردت أن أعيبها حتى لا يأخذها ، قوله : "فإذا جاوزوا" أي عدوا عن الملك أصلحوها ، وفي رواية النسائي : فإذا جاوزوه رقعوها ، قوله : "بقارورة" بالقاف ، وهي الزجاج ، وقال الكرماني : كيفية السد بالقارورة غير معلومة ، ثم وجهه بوجهين أحدهما : أن تكون قارورة بقدر الموضع المخروق فتوضع فيه ، والآخر يسحق الزجاج ويخلط بشيء كالدقيق فيسد به ، وقال بعضهم بعد أن ذكر الوجه الثاني : فيه بعد ، قلت : لا بعد فيه ، لأنه غير متعذر ولا متعسر ، والبعد في الذي قاله هو أن القارورة فاعولة من القار ، قوله : "بالقار" بالقاف والراء وهو الزفت ، وهذا أقرب من القول الأول ، قوله : "كان أبواه" أي أبوا الغلام ، قوله : "أن يرهقهما" أي يلحقهما ، وقوله : "فخشينا" إلى قوله : "من دينه" من تفسير ابن جريج ، عن يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جبير انتهى ، قوله : "أن يحملهما" يجوز أن يكون بدلا من قوله : أن يرهقهما " ، ويجوز أن يكون التقدير بأن يحملهما ، وقوله : "حبه" بالرفع فاعله ، قوله : خيرا منه " أي من الغلام المقتول ، قوله : "زكاة" نصب على التميز ، وإنما ذكرها للمناسبة بينها وبين قوله : نفسا زكية " أشار إلى ذلك بقوله : أقتلت نفسا زكية " ، ولما وصف موسى نفس الغلام بالزكية وذكر الله تعالى بقوله فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما " .

                                                                                                                                                                                  وفي التفسير : قوله : زكاة أي صلاحا وإسلاما ونماء ، قوله : وأقرب رحما " قال الثعلبي : من الرحم والقرابة ، وقيل : هو من الرحمة ، وعن ابن عباس : أوصل للرحم ، وأبر بوالديه ، وعن الفراء : أقرب أن يرحماه ، وقيل : من الرحم بكسر الحاء أشد مبالغة من الرحمة التي هي رقة القلب والتعطف لاستلزام القرابة الرقة غالبا من غير عكس ، وقال الكرماني : وظن بعضهم أنه مشتق من الرحم الذي هو الرحمة ، وغرضه أنه يعني القرابة لا الرقة ، وعند البعض بالعكس ، قوله : "هما به أرحم منهما بالأول" أي الأبوان المذكوران به أي بالذي يبدل من المقتول أرحم منهما بالأول ، وهو المقتول ، قوله : "وزعم غير سعيد من قول ابن جريج" أي زعم غير سعيد بن جبير أنهما أي الأبوين أبدلا جارية بدل المقتول ، وروي عن سعيد أيضا أنها جارية على ما جاء ، وفي رواية النسائي من طريق ابن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أبدلهما جارية ، فولدت نبيا من الأنبياء ، وفي رواية الطبراني : ببنين ، وعن السدي : ولدت جارية فولدت نبيا ، وهو الذي كان بعد موسى ، فقالوا له ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ، واسم هذا النبي شمعون ، واسم أمه حنة ، فإن قلت : روى ابن مردويه من حديث أبي بن كعب أنها ولدت غلاما ، قلت : إسناده ضعيف ، وفي تفسير [ ص: 47 ] ابن الكلبي : ولدت جارية ولدت عدة أنبياء فهدى الله بهم أمما ، وقيل : عدة من جاء من ولدها من الأنبياء سبعون نبيا ، قوله : "وأما داود بن أبي عاصم" إلى آخره من قول ابن جريج أيضا ، وداود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي ثقة من صغار التابعين ، وله أخ يسمى يعقوب هو أيضا ثقة من التابعين .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية