الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي : هذا باب في قوله عز وجل وتخفي في نفسك " وأول الآية : وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك الآية ، نزلت في زينب بنت جحش كما يأتي الآن ، وقصتها مذكورة في التفسير ، وحاصلها أنه صلى الله عليه وسلم أتى ذات يوم إلى زيد بن حارثة مولاه لحاجة فأبصر زينب بنت جحش زوجته قائمة في درعها وخمار فأعجبته ، وكأنها وقعت في نفسه ، فقال : سبحان الله مقلب القلوب ، وانصرف ، فجاء زيد فذكرت له ، ففي الحال ألقى الله كراهتها في قلبه [ ص: 119 ] فأراد فراقها ، فأتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : إني أريد أن أفارق صاحبتي ، فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : اتق الله وأمسك عليك زوجك ، وهو معنى قوله تعالى : " وإذ تقول " أي : اذكر حين تقول للذي أنعم الله عليه " يعني : بالإسلام ، وهو زيد بن حارثة ، " وأنعمت أنت عليه بالعتق وتخفي في نفسك " أن لو فارقها تزوجتها . وعن ابن عباس : تخفي في نفسك حبها . قوله : ما الله مبديه " أي : الذي الله مظهره وتخشى الناس " أي : تستحيهم ، قاله ابن عباس والحسن . وقيل : تخاف لائمة الناس أن يقولوا أمر رجلا بطلاق امرأته ثم نكحها حين طلقها . وقال ابن عمر وابن مسعود والحسن : ما نزل على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم آية أشد عليه من هذه الآية . قوله : والله أحق أن تخشاه " ليس المراد أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم خشى الناس ولم يخش الله ، بل المعنى أن الله أحق أن تخشاه وحده ولا تخش أحدا معه ، وأنت تخشاه وتخشى الناس أيضا ، فاجعل الخشية لله وحده ، ولا يقدح ذلك في حال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأن العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه من مثل هذه الأشياء ما لم يقصد فيه المأثم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية