الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4608 383 - حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو بن دينار ، قال : حدثني الحسن بن محمد بن علي أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي يقول : سمعت عليا رضي الله عنه يقول : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد ، فقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ; فإن بها ظعينة معها كتاب ، فخذوه منها ، فذهبنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة ، فإذا نحن بالظعينة ، فقلنا : أخرجي الكتاب ، فقالت : ما معي من كتاب ، فقلنا : لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب ، فأخرجته من عقاصها ، فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا فيه : من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين ممن بمكة يخبرهم ببعض أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما هذا يا حاطب ، قال : لا تعجل علي يا رسول الله ، إني كنت امرأ من قريش ، ولم أكن من أنفسهم ، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة فأحببت إذ فاتني من النسب فيهم أن أصطنع إليهم يدا يحمون قرابتي ، وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنه قد صدقكم ، فقال عمر : دعني يا رسول الله فأضرب عنقه ، فقال : إنه شهد بدرا وما يدريك لعل الله عز وجل اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ، قال عمرو : ونزلت فيه يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم قال لا أدري الآية في الحديث أو قول عمرو

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، والترجمة هي ذكر السورة ، ووقع لأبي ذر على رأس هذا الحديث باب : لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء " فعلى هذا الترجمة ظاهرة ، والحديث يطابقها ، والحديث قد مضى في الجهاد في باب الجاسوس ، فإنه أخرجه هناك عن علي بن عبد الله ، عن سفيان ، عن عمرو بن دينار ... إلى آخره ، ومر الكلام فيه هناك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " بعثني أنا والزبير والمقداد " ، وفي رواية رواها الثعلبي : فبعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عليا وعمارا وعمر والزبير وطلحة [ ص: 230 ] والمقداد بن الأسود وأبا مرثد وكانوا كلهم فرسانا . قوله : " روضة خاخ " بخاءين معجمتين لا غير . قوله : " ظعينة " بفتح الظاء المعجمة وكسر العين المهملة ، وهي المرأة في الهودج ، واسمها سارة بالسين المهملة والراء . قوله : " تعادى " بلفظ الماضي ، أي تتباعد وتتجارى . قوله : " أو لتلقين " اللام فيه للتأكيد ، ومقتضى القواعد النحوية أن يقال : لتلقن بحذف الياء ، فتأويله أنه ذكر كذلك لمشاكلة لتخرجن . قوله : " كنت امرأ من قريش " ، أي بالحلف والولاء لا بالنسب والولادة ، حتى لا يقال بينه وبين قوله : " لم أكن من أنفسهم " تناف . قوله: " يدا " ، أي يدا منه عليهم وحق محبة . قوله : " صدقكم " بتخفيف الدال ، أي قال الصدق . قوله : " دعني " ، أي اتركني ومكني . قوله : " فأضرب " ، أي فأن أضرب . فإن قلت : كيف قال عمر رضي الله تعالى عنه ما قال مع تصديق النبي صلى الله عليه وسلم لحاطب فيما قاله . قلت : قال ذلك لقوة دينه وصلابته في الحق ، ولم يجزم بذلك ، فلهذا استأذن في قتله ، وإنما أطلق عليه اسم النفاق لكونه أقدم على شيء فيه خلاف ما ادعاه . قوله : " لعل الله " كلمة لعل ليست للترجي في حق الله ، بل للوقوع . قوله : " غفرت " ، أي الأمور الأخروية ، وإلا فلو توجه على أحد منهم حد مثلا يستوفى منه . قوله لا تتخذوا عدوي وعدوكم هذا المقدار للأكثرين ، وفي رواية أبي ذر مع ذكر أولياء قوله قال : قال عمرو ، أي عمرو بن دينار هو موصول بالإسناد المذكور . قوله : " قال " ، أي قال سفيان بن عيينة لا أدري الآية ، وهي قوله تعالى لا تتخذوا عدوي وعدوكم من نفس الحديث هو أو هو من قول عمرو بن دينار ، وقد شك فيه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية