الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  وقال ابن عباس : لضالون أضللنا مكان جنتنا

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى : فلما رأوها قالوا إنا لضالون ; أي أضللنا مكان جنتنا ، رواه ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عنه ، والضمير في قوله فلما رأوها يرجع إلى الجنة في قوله إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة يعني امتحنا واختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع كما بلونا ، أي كما ابتلينا أصحاب الجنة ، قال ابن عباس : بستان باليمن ، يقال له : الضروان ، دون صنعاء بفرسخين ، وكانوا حلفوا أن لا يصرمن نخلها إلا في الظلمة قبل خروج الناس من المساكن إليها ، فأرسل الله عليها نارا من السماء فأحرقتها وهم نائمون ، فلما قاموا وأتوا إليها ورأوها قالوا : إنا لضالون ، وليست هذه جنتنا . قوله : " أضللنا " قال بعضهم : زعم بعض الشراح أن الصواب في هذا أن يقال : ضللنا بغير ألف ; تقول : ضللت الشيء إذا جعلته في مكان ، ثم لم تدر أين هو ، وأضللت الشيء إذا ضيعته ، ثم قال : والذي وقع في الرواية صحيح المعنى ، أي عملنا عمل من ضيع ، ويحتمل أن يكون بضم أول أضللنا . انتهى . قلت : أراد ببعض الشراح الحافظ الدمياطي ; فإنه قال هكذا ، والذي قاله هو الصواب ; لأن اللغة تساعده ، ولكن الذي اختاره هذا القائل من الوجهين اللذين ذكرهما بعيد جدا ; أما الأول فليس [ ص: 256 ] بمطابق لقول أهل الجنة ; فإن عملهم لم يكن إلا رواحهم إلى جنتهم فقط ، وليس فيه عمل عمل من ضيع ، وأما الثاني فبالاحتمال الذي لا يقطع ، ولكن يقال في تصويب الذي وقع به الرواية : أضللنا أنفسنا عن مكان جنتنا يعني هذه ليست بجنتنا ، بل تهنا في طريقها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية