الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4636 413 - حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام ، عن ابن جريج ، وقال عطاء : عن ابن عباس رضي الله عنهما صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد ، أما ود ، فكانت لكلب بدومة الجندل ، وأما سواع ، فكانت لهذيل ، وأما يغوث ، فكانت لمراد ، ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ ، وأما يعوق ، فكانت لهمدان ، وأما نسر ، فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا ، وسموها بأسمائهم ففعلوا ، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة وهشام هو ابن يوسف الصنعاني ، وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، وعطاء هو الخراساني ، وليس بعطاء بن أبي رباح ، ولا بعطاء بن يسار ، قاله الغساني ، وقال ابن جريج أخذه من كتاب عطاء لا من السماع منه ، ولهذا قيل : إنه منقطع ; لأن عطاء الخراساني لم يلق ابن عباس ، وقال أبو مسعود : ظن البخاري أنه ابن أبي رباح ، وابن جريج لم يسمع التفسير من الخراساني ، وإنما أخذ الكتاب من ابنه ونظر فيه ، وروي عن صالح بن أحمد ، عن ابن المديني ، قال : سألت يحيى بن سعيد عن أحاديث ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، فقال : ضعيف ، فقلت ليحيى : إنه كان يقول : أخبرنا ، قال : لا شيء كله ضعيف إنما هو كتاب دفعه إليه ابنه ، وقيل في معاضدة البخاري في هذا إنه بخصوصه عند ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، وعن عطاء بن أبي رباح جميعا ، ولا يخفى على البخاري ذلك مع تشدده في شرط الاتصال ، واعتماده عليه ، ويؤيد هذا أنه لم يكثر من تخريج هذا ، وإنما ذكره بهذا الإسناد في موضعين هذا ، والآخر في النكاح ، ولو كان يخفى عليه ذلك لاستكثر من إخراجه ; لأن ظاهره على شرطه . انتهى، " قلت " : فيه نظر لا يخفى ; لأن تشدده في شرط الاتصال لا يستلزم عدم الخفاء عليه أصلا ، فسبحان من لا يخفى عليه شيء . وقوله : على ظاهره على شرطه ليس بصحيح ; لأن الخراساني من أفراد مسلم كما ذكر في موضعه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " الأوثان " جمع وثن ، وفي ( المغرب ) الوثن ما له جثة من خشب ، أو حجر ، أو فضة ، أو جوهر ينحت ، وكانت العرب تنصب الأوثان وتعبدها . قوله : " في العرب بعد " بضم الدال ، أي بعد كون الأوثان في قوم نوح عليه الصلاة والسلام كانت في العرب ، وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة كانت الأوثان آلهة يعبدها قوم نوح عليه الصلاة والسلام ، ثم عبدتها العرب بعد ، وعن أبي عبيدة زعموا أنهم كانوا مجوسا ، وأنها غرقت في الطوفان ، فلما نضب الماء عنها أخرجها إبليس عليه اللعنة فبثها في الأرض ، قيل : قوله : كانوا مجوسا غير صحيح ; لأن المجوسية نخلة ظهرت بعد ذلك بدهر طويل . قوله : " أما ود " شرع في تفصيل هذه الأوثان وبيانها بقوله : أما بكلمة التفصيل . قوله : " لكلب " ، وقد ذكرنا عن قريب أن كلبا هو ابن وبرة بن تغلب . قوله : " بدومة الجندل " بضم الدال ، والجندل بفتح الجيم وسكون النون مدينة من الشام مما يلي العراق ، ويقال : بين المدينة ، والشام ، والعراق ، وفيها اجتمع الحكمان . قوله : " لهذيل " مصغر الهذل قبيلة ، وهو ابن مدركة بن [ ص: 263 ] إلياس بن مضر . قوله : " لمراد " بضم الميم ، وتخفيف الراء المهملة أبو قبيلة من اليمن . قوله : " ثم لبني غطيف " بضم الغين المعجمة ، وفتح الطاء المهملة ، وسكون الياء آخر الحروف ، وفي آخره فاء ، وهو بطن من مراد ، وهو غطيف بن عبد الله بن ناجية بن مراد . قوله : " بالجوف " بفتح الجيم ، وسكون الواو ، وبالفاء ، وهو المطمئن من الأرض ، وقيل : هو واد باليمن ، وفي رواية أبي ذر عن غير الكشميهني بفتح الحاء المهملة ، وسكون الواو ، وفي رواية له عن الكشميهني بالجرف بضم الجيم ، والراء ، وقال ياقوت : ورواية الحميدي بالراء ، وفي رواية النسفي بالجون بالجيم ، والواو ، والنون ، وقال أبو عثمان : رأيته كان من رصاص على صورة أسد . قوله : " عند سبأ " هذا في رواية غير أبي ذر ، وقال ابن الأثير : سبأ اسم مدينة بلقيس ، وقيل : هو اسم رجل ولد منه عامة قبائل اليمن ، وكذا جاء مفسرا في الحديث ، وسميت المدينة به . قوله : " لهمدان " بسكون الميم ، وإهمال الدال قبيلة ، وأما مدينة همذان التي هي مدينة من بلاد عراق العجم ، فهي بفتح الميم ، والذال المعجمة . قوله : " لحمير " بكسر الحاء المهملة ، وسكون الميم ، وفتح الياء آخر الحروف أبو قبيلة . قوله : " لآل ذي كلاع " بفتح الكاف ، وتخفيف اللام ، وبالعين المهملة ، وهو اسم ملك من ملوك اليمن . قوله : " أسماء رجال " ، أي هذه الخمسة أسماء رجال صالحين ، قاله الكرماني ، وقدر مبتدأ محذوفا ، وهو قوله : هذه الخمسة ، ويكون ارتفاع أسماء رجال على الخبرية ، قال : ويروى ونسر اسما ، ثم قال : والمراد نسر وأخواته أسماء رجال صالحين ، وقيل : وسقط لفظ ونسر لغير أبي ذر . قوله : " فلما هلكوا " ، أي فلما مات الصالحون ، وكان مبدأ عبادة قوم نوح عليه الصلاة والسلام هذه الأصنام بعد هلاكهم ، ثم تبعهم من بعدهم على ذلك . قوله : " أنصابا " جمع النصب ، وهو ما ينصب لغرض كالعبادة . قوله : " وسموها " ، أي هذه الأصنام بأسماء الصالحين المذكورين . قوله : " فلم تعبد هذه الأصنام حتى إذا هلك أولئك الصالحون " . قوله : " وتنسخ " بلفظ الماضي من التفعيل ، أي تغير علمهم بصورة الحال ، وزالت معرفتهم بذلك ، وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني ونسخ العلم ، فحينئذ عبدت على صيغة المجهول ، وحاصل المعنى أنهم لما ماتوا وتغيرت صورة الحال ، وزالت معرفتهم جعلوها معابيد بعد ذلك .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية