الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4668 448 - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر غندر ، حدثنا شعبة ، عن الأسود بن [ ص: 300 ] قيس ، قال : سمعت جندبا البجلي ، قالت امرأة : يا رسول الله ، ما أرى صاحبك إلا أبطأ عنك ، فنزلت ما ودعك ربك وما قلى

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر في حديث جندب أخرجه عن محمد بن بشار ، هو بندار ، عن محمد بن جعفر ، هو غندر بضم الغين المعجمة ، وسكون النون ، وضم الدال ، وفتحها ، وكلاهما لقب .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قالت امرأة " ، قيل : إنها خديجة رضي الله تعالى عنها ، وقال الكرماني : فإن قلت : المرأة كانت كافرة ، فكيف قالت يا رسول الله ، قلت : قالت إما استهزاء ، وإما أن يكون هو من تصرفات الراوي إصلاحا للعبارة ، وقال بعضهم بعد أن نقل كلام الكرماني : هو موجه ; لأن مخرج الطريقين واحد، قلت : أما قول الكرماني : المرأة كانت كافرة ، فيه نظر ، فمن أين علم أنها كانت كافرة في هذا الطريق ، نعم كانت كافرة في الطريق الأول ; لأنه صرح فيه بقوله : إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك ، وهذا القول لا يصدر عن مسلم ولا مسلمة ، وهنا قال صاحبك ، وقال : يا رسول الله ، ومثل هذا لا يصدر عن كافر ، وقول بعضهم : هذا موجه ; لأن مخرج الطريقين واحد فيه نظر أيضا ; لأن اتحاد المخرج يستلزم أن يكون هذه المرأة هنا بعينها تلك المرأة المذكورة هناك ، على أن الواحدي ذكر عن عروة : أبطأ جبريل عليه الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم فجزع جزعا شديدا ، فقالت خديجة : قد قلاك ربك لما يروى من جزعك فنزلت ، وهي في تفسير محمد بن جرير ، عن جندب بن عبد الله ، فقالت امرأة من أهله أو من قومه : ودع محمدا ، فإن قلت : ذكر ابن بشكوال أن القائل بذلك للنبي صلى الله عليه وسلم عائشة أم المؤمنين ، قال : ذكره ابن سنيد في تفسيره، " قلت " : هذا لا يصح ; لأن هذه السورة مكية بلا خلاف ، وأين عائشة حينئذ . قوله : " إلا أبطأ عنك " وكأنه وقع في نسخة الكرماني أبطأك ، ثم تكلف في نقل كلام ، والجواب عنه ، فقال : قيل : الصواب أبطأ عنك وأبطأ بك ، أو عليك ، أقول : وهذا أيضا صواب ، إذ معناه : ما أرى صاحبك - يعني جبريل - إلا جعلك بطيئا في القراءة ; لأن بطأه في الإقراء إبطاء في قراءته ، أو هو من باب حذف حرف الجر وإيصال الفعل به وهنا فصلان .

                                                                                                                                                                                  الأول : في مدة احتباس جبريل عليه الصلاة والسلام ، فعن ابن جريج : اثنا عشر يوما ، وعن ابن عباس : خمسة عشر يوما ، وعنه : خمسة وعشرون يوما ، وعن مقاتل أربعون يوما ، وقيل : ثلاثة أيام .

                                                                                                                                                                                  الثاني : سبب الاحتباس ، ففيه أقوال ، فعن خولة خادمة النبي صلى الله عليه وسلم أن جروا دخل البيت فمات تحت السرير ، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما لا ينزل عليه الوحي ، فقال : يا خولة ماذا حدث في بيتي ، قالت : فقلت : لو هيأت البيت وكنسته ، فأهويت بالمكنسة تحت السرير ، فإذا شيء ثقيل فنظرت ، فإذا جرو ميت ، فألقيته ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يرعد لحياه ، فقال : يا خولة دثريني ، فنزلت : والضحى ، وعن مقاتل : لما أبطأ الوحي ، قال المسلمون : يا رسول الله ، تلبث عليك الوحي ، فقال : كيف ينزل علي الوحي وأنتم لا تنفقون براجمكم ، ولا تقلمون أظفاركم ، وعن ابن إسحاق أن المشركين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الخضر ، وذي القرنين ، والروح فوعدهم بالجواب إلى غد ، ولم يستثن ، فأبطأ جبرائيل عليه الصلاة والسلام اثنتي عشرة ليلة ، وقيل أكثر من ذلك ، فقال المشركون : ودعه ربه ، فنزل جبرائيل عليه الصلاة والسلام بسورة والضحى ، وبقوله ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا انتهى ، " فإن قلت " : هذا يعارض رواية جندب ، " قلت " : لا ، إذ يكون جوابا بالذينك الشيئين ، أو جوابا لمن قال كائنا من كان .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية