الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4859 86 - حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن حميد ، عن أنس قال : أولم النبي صلى الله عليه وسلم بزينب فأوسع المسلمين خبزا فخرج كما يصنع إذا تزوج فأتى حجر أمهات المؤمنين يدعو ويدعون له ثم انصرف فرأى رجلين فرجع لا أدري آخبرته أو أخبر بخروجهما .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 145 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 145 ] قيل : لا وجه لذكر هذا الحديث في باب الصفرة للمتزوج ، وأجيب بثبوت لفظ باب في أكثر الروايات ، ورد بأن لفظ باب كما ذكرنا كالفصل لما قبله وهو داخل فيه .

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم : مناسبته للترجمة من جهة أنه لم يقع في قصة تزويج زينب بنت جحش ذكر للصفرة فكأنه يقول الصفرة للمتزوج من الجائز لا من الشروط لكل متزوج انتهى ، قلت : هذا كلام واه جدا ; لأن الترجمة في الصفرة للمتزوج والحديث ليس فيه ذكر الصفرة مطلقا فكيف تقع المطابقة ، والأوجه أن يقال : إن المطابقة من حيث إنه صلى الله عليه وسلم أمر بالوليمة في الحديث السابق وفي هذا الحديث أولم هو وبين أمره بشيء وفعله إياه اتحاد فلا مطابقة أتم من هذا ، وقد ذكرنا أن ذكر باب مجرد كالفصل وأنه داخل فيه على أن لفظ باب ساقط في عامة الروايات .

                                                                                                                                                                                  ويحيى هو القطان ، والحديث قد مضى بأتم منه في تفسير سورة الأحزاب ، وتقدم الكلام فيه .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( خبزا ) بالباء الموحدة والزاي ، وفي الرواية الماضية في سورة الأحزاب فأشبع الناس خبزا ولحما ، قوله : ( كما يصنع ) أي خرج كما هو عادته إذا تزوج بجديدة يأتي الحجرات ويدعو لهن ، قوله : ( ويدعون ) أي أمهات المؤمنين ، وهذه اللفظة مشتركة بين جمع المذكر وجمع المؤنث والفرق يحصل بالتقدير ، فوزن الجمع المذكر يفعون ووزن الجمع المؤنث يفعلن ، قوله : ( له ) أي للنبي صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يسلم عليهن واحدة واحدة ، وهن يرددن عليه عليه السلام ويدعون بالبركة والخير ، قوله : ( ثم انصرف ) أي من حجرات أمهات المؤمنين ، قوله : ( فرأى رجلين ) يعني من الناس الذين حضروا الوليمة وكانوا قد خرجوا من بيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فرغوا من الأكل وكان هذان الرجلان تأخرا في البيت يتحدثان وذلك قبل نزول الحجاب ولما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من بيوت أمهات المؤمنين رآهما في البيت فرجع وقال أنس : لما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم وثبا مسرعين فما أدري أنا أخبرته بخروجهما من البيت أو أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخروجهما فرجع حتى دخل البيت وأرخى الستر بيني وبينه فأنزلت آية الحجاب ، وروايات أنس التي تقدمت في سورة الأحزاب تفسر هذا الحديث الذي روي عنه هاهنا وذلك أن الأحاديث التي تروى في قضية واحدة يفسر بعضها بعضا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية