الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4912 139 - حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، حدثنا جويرية ، عن مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن ابن محيريز ، عن أبي سعيد الخدري قال : أصبنا سبيا فكنا نعزل ، فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أوإنكم تفعلون ! - قالها ثلاثا - ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي كائنة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة .

                                                                                                                                                                                  وعبد الله شيخ البخاري ابن أخي جويرية ، وأسماء وجويرية من الأسماء المشتركة بين الرجال والنساء ، وابن محيريز مصغر محراز بالحاء المهملة والزاي واسمه عبد الله ، وكذلك وقع في رواية يونس كما سيأتي في القدر عن الزهري أخبرني عبد الله بن محيريز الجمحي ، وهو مدني سكن الشام ، وأبو محيريز جنادة كان من رهط أبي محذورة المؤذن وكان يتيما في حجره .

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مر في البيوع في باب بيع الرقيق ; فإنه أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري قال : أخبرني ابن محيريز . . . الحديث .

                                                                                                                                                                                  قوله ( سبيا ) ; أي جواري أخذناها من الكفار أسرا ، وذلك في غزوة بني المصطلق ، وروى ابن أبي شيبة في مصنفه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أمامة بن سهل جميعا عن أبي سعيد قال : لما أصبنا سبي بني المصطلق استمتعنا من النساء وعزلنا عنهن . قال : ثم إني وقفت على جارية في سوق بني قينقاع ، فمر رجل من اليهود فقال : ما هذه الجارية يا أبا سعيد ؟ قلت : جارية لي أبيعها . قال : هل كنت تصيبها ؟ قال : قلت نعم . قال : فلعلك تبيعها وفي بطنها مثل سخلة ! قال : كنت أعزل عنها . قال : هذه الموؤودة الصغرى . قال : فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له ، فقال : كذبت يهود ، كذبت يهود .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أوإنكم تفعلون ) اختلفوا في معناه ; فقالت طائفة : ظاهره الإنكار والزجر فنهى عن العزل . وحكي ذلك أيضا عن الحسن وكأنهم فهموا من كلمة " لا " في رواية أخرى " لا ، ما عليكم أن لا تفعلوا " وهي رواية ابن القاسم وغيره عن مالك - أنها للنهي عما سئل عنه ، وأن كلمة " لا " في " أن لا تفعلوا " لتأكيد النهي ، كأنه قال لا تعزلوا وعليكم أن لا تفعلوا .

                                                                                                                                                                                  وقالت طائفة : إن هذا إلى النهي أقرب .

                                                                                                                                                                                  وقالت طائفة أخرى : كأنها جعلت جوابا لسؤال .

                                                                                                                                                                                  قوله ( عليكم أن لا تفعلوا ) ; أي ليس عليكم جناح في أن لا تفعلوا ، وقول هؤلاء أولى بالمصير إليه بدليل قوله " ما من نسمة . . . " إلى آخره ، وبقوله افعلوا أو لا تفعلوا إنما هو القدر ، وبقوله " إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء " ، وهذه الألفاظ كلها مصرحة بأن العزل لا يرد القدر ولا يضير ، فكأنه قال لا بأس به ، وبهذا تمسك من رأى إباحته مطلقا عن الزوجة والأمة ، وبه قال كثير من السلف من الصحابة والتابعين كما ذكرناه .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ما من نسمة ) بفتحات ، هي النفس ; أي ما من نفس قدر كونها إلا وهي تكون سواء عزلتم أو لا ، أي ما قدر وجوده لا يمنعه العزل . وفي حديث جابر أيضا : إن ذلك لم يمنع شيئا أراده الله . وفي حديثه أيضا في رواية مسلم : اعزل عنها إن شئت ، فإنه سيأتيها ما قدر لها . وفي حديث البراء رواه الترمذي في كتاب العلل : ليس من كل الماء يكون الولد .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية