الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4934 161 - حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إياكم والدخول على النساء ! فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله ، أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للشطر الأول من الترجمة كما ذكرنا .

                                                                                                                                                                                  وليث هو ابن سعد ، ويزيد - من الزيادة - ابن أبي حبيب المصري ، واسم أبي حبيب سويد ، أعتقته امرأة مولاة لبني حسان بن عامر بن لؤي القرشي ، وأم يزيد مولاة لنجيب . وأبو الخير - ضد الشر - اسمه مرثد - بفتح الميم وسكون الراء وفتح الثاء المثلثة وبالدال المهملة - ابن عبد الله اليزني المصري ، وعقبة بن عامر الجهني رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في الاستئذان عن قتيبة وغيره ، وأخرجه الترمذي في النكاح عن قتيبة به ، وأخرجه النسائي في عشرة النساء عن قتيبة - فهؤلاء الأربعة اشتركوا في إخراجه عن قتيبة ، ومسلم أخرجه عن غيره أيضا .

                                                                                                                                                                                  قوله ( عن قتيبة ) ، وفي رواية أبي نعيم " سمعت عقبة " .

                                                                                                                                                                                  قوله ( إياكم والدخول ) بالنصب على التحذير ، و ( إياكم ) مفعول بفعل مضمر تقديره : اتقوا أنفسكم أن تدخلوا على النساء . ويتضمن منع مجرد الدخول منع الخلوة بها بالطريق الأولى .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أفرأيت الحمو ؟ ) بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وبالواو ; يعني : أخبرني عن دخول الحمو ! فأجاب صلى الله عليه وسلم : الحمو الموت .

                                                                                                                                                                                  وقال الترمذي : يقال الحمو أب الزوج ، كأنه كره له أن يخلو بها . وفي رواية ابن وهب عند مسلم : سمعت الليث يقول : الحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج ; ابن العم ونحوه . وقال النووي : المراد من الحمو في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه ; لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت . قال : وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم ممن يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة ، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت . وقال القاضي : الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الهلاك في [ ص: 214 ] الدين . وقيل : معناه احذروا الحمو كما يحذر الموت ، فهذا في أب الزوج ! فكيف في غيره ؟ وقال ابن الأعرابي : هي كلمة تقولها العرب كما يقال الأسد الموت ; أي لقاؤه مثل الموت ، وكما يقال السلطان نار . ويقال : معناه فليمت ولا يفعل ذلك . وقال القرطبي : معناه أنه يفضي إلى موت الدين أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج أو برجمها إن زنت معه .

                                                                                                                                                                                  وفي مجمع الغرائب : يحتمل أن يراد بالحديث أن المرأة إذا خلت فهي محل الآفة ، فلا يؤمن عليها أحد ، فليكن حموها الموت أي لا يجوز أن يدخل عليها أحد إلا الموت ، كما قال الآخر : والقبر صهر ضامن . وهذا متجه لائق بكمال الغيرة والحمية ، والحمو مفرد الأحماء ، قال الأصمعي : الأحماء من قبل الزوج والأختان من قبل المرأة ، والأصهار يجمع الفريقين . وفي الإفصاح لابن بزي عن الأصمعي : الأحماء من قبل المرأة . وقال القرطبي : جاء الحمو هنا مهموزا ، والمهموز أحد لغاته ، ويقال فيه حمو بواو مضمومة متحركة كدلو ، وحمى مقصور كعصا . قال : والأشهر فيه أنه من الأسماء الستة المعتلة المضافة التي تعرب في حال إضافتها إلى غير ياء المتكلم بالواو رفعا وبالألف نصبا وبالياء خفضا ، ويكون على قول الأصمعي إنه مهموز مثل كمء ، وإعرابه بالحركات كسائر الأسماء الصحيحة ، ومن قصره لا يدخله سوى التنوين في الرفع والنصب والجر إذا لم يضف ، وحكى عياض : هذا حمؤك - بإسكان الميم وهمزة مرفوعة ، وحم كأب .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية