الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  لما ذكر في الترجمة لفظ المفارقة والتسريح ذكر بعض هذه الآيات التي فيها ذكر الله تعالى هذين اللفظين ; منها قوله تعالى وسرحوهن سراحا جميلا " ، وأوله : يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن - أي من قبل أن تجامعوهن - فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن - أي أعطوهن ما يستمتعن به ، وقال قتادة : هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : فنصف ما فرضتم وقيل : هو أمر ندب ، والمتعة مستحبة ، ونصف المهر واجب ، وسرحوهن أي أرسلوهن وخلوا سبيلهن ، وقيل أخرجوهن من منازلكم إذ ليس لكم عليهن عدة ، وكأن البخاري أورد هذا إشارة إلى أن لفظ التسريح هنا بمعنى الإرسال لا بمعنى الطلاق ، وفي تفسير النسفي : وقيل طلقوهن للسنة - وفيه نظر ; لأنه ذكر قبله ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن " ، يعني قبل الدخول ، ولم يبق محل للطلاق بعد التطليق .

                                                                                                                                                                                  قوله سراحا نصب على المصدرية بمعنى تسريحا .

                                                                                                                                                                                  قوله جميلا ; يعني بالمعروف .

                                                                                                                                                                                  ومنها قوله تعالى وأسرحكن سراحا جميلا " ، وأوله قوله تعالى : يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وقال بعضهم : التسريح في هذه الآية يحتمل التطليق والإرسال ، فإذا كان صالحا للأمرين انتفى أن يكون صريحا في الطلاق . قلت : قال المفسرون معنى قوله وأسرحكن " أطلقكن ، وهذا ظاهر لأنه لم يسبق هنا طلاق ، فمن أين يأتي الاحتمال وليس المراد إلا التطليق .

                                                                                                                                                                                  ومنها قوله تعالى فإمساك بمعروف " ، وقبله قوله تعالى : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فالمراد بالتسريح هنا الطلقة الثالثة ، والمعنى : الطلاق مرة بعد مرة ; يعني ثنتين ، وكان الرجل إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها ، وإن طلقها ثلاثا فنسخ ذلك فقال الله تعالى : الطلاق مرتان الآية ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين فليتق الله في الثالثة ، فله أن يمسكها بمعروف فيحسن صحبتها أو يسرحها بإحسان فلا يظلمها من حقها شيئا . وقد ذكرنا عن قريب أن أبا رزين قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، أرأيت قول الله عز وجل " فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " ، أين الثالثة ؟ قال : التسريح بالإحسان .

                                                                                                                                                                                  ومنها قوله عز وجل : أو فارقوهن بمعروف




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية