الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  523 25 - (حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، قال: كنا نصلي العصر، ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف، فنجدهم يصلون العصر).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقة هذا الحديث ومطابقة بقية أحاديث هذا الباب للترجمة من حيث إن دلالتها على تعجيل العصر، وتعجيله لا يكون إلا في أول وقته، وهو عند صيرورة ظل كل شيء مثله أو مثليه على الخلاف.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم أربعة: عبد الله بن مسلمة القعنبي، ومالك بن أنس، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة واسمه زيد بن سهل الأنصاري ابن أخي أنس بن مالك، يكنى أبا يحيى، مات سنة أربع وثلاثين ومائة، قال الواقدي: كان مالك لا يقدم عليه أحدا في الحديث.

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، والعنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه القول، فإن قلت: هذا الحديث مسند أو موقوف، (قلت): قول الصحابي كنا نفعل كذا فيه خلاف، فذهب بعضهم إلى أنه مسند، وهو اختيار الحاكم، وإيراد البخاري هذا الحديث مشعر بأنه مسند، وإن لم يصرح بإضافته إلى زمن النبي - صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  وقال الدارقطني والخطيب وآخرون: إنه موقوف، والصواب أن يقال: إن مثل هذا موقوف لفظا مرفوع حكما؛ لأن الصحابي أورده في مقام الاحتجاج فيحمل على أنه أراد كونه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم، وقد روى ابن المبارك هذا الحديث، عن مالك، فقال [ ص: 36 ] فيه: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي العصر، الحديث أخرجه النسائي .

                                                                                                                                                                                  (ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري أيضا، عن عبد الله بن يوسف، وأخرجه مسلم أيضا في الصلاة، عن يحيى بن يحيى، وأخرجه النسائي فيه، عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك .

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه) قوله: (بني عمرو بن عوف) بفتح العين وسكون الواو وبالفاء وكانت منازلهم على ميلين من المدينة بقباء. قوله: (فيجدهم يصلون العصر)؛ أي: عصر ذلك اليوم، وهذا يدل على أنهم كانوا يؤخرون عن أول الوقت لأنهم كانوا عمالا في أراضيهم وحروثهم.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: فدل هذا الحديث على تعجيل النبي - صلى الله عليه وسلم - بصلاة العصر في أول وقتها، (قلت): إنما يدل ذلك على ما ذكره إذا كان الحديث مرفوعا قطعا، وقد ذكرنا عن قريب أن في مثل هذا خلافا: هل هو موقوف أو في حكم المرفوع.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية