الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5071 13 - حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن يونس قال علي هو الإسكاف، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - قال: ما علمت النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل على سكرجة قط، ولا خبز له مرقق قط، ولا أكل على خوان، فقيل لقتادة: فعلى ما كانوا يأكلون؟ قال: على السفر.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة. وعلي بن عبد الله هو ابن المديني، ومعاذ بن هشام يروي عن أبيه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، واسم أبي عبد الله سفيان، والدستوائي نسبته إلى دستواء من نواحي الأهواز.

                                                                                                                                                                                  قوله: "عن يونس" وقع هكذا في السند غير منسوب فبينه علي -وهو ابن المديني- وقال: هو الإسكاف، وهو يونس بن أبي الفرات القرشي مولاهم البصري، وإنما بينه؛ لأن في طبقته يونس بن عبيد البصري أحد الثقات المكثرين، ووقع في رواية ابن ماجه مصرحا، عن يونس بن أبي الفرات، وليس ليونس هذا في البخاري إلا هذا الحديث الواحد، وثقه أحمد وابن معين، وقال ابن عدي: ليس بالمشهور، وقال ابن سعد: كان معروفا وله أحاديث، وقال ابن حبان: لا يجوز أن يحتج به.

                                                                                                                                                                                  وفي سند هذا الحديث رواية الأقران; لأن هشاما ويونس من طبقة واحدة. والحديث أخرجه الترمذي في الأطعمة أيضا، عن محمد بن بشار، وأخرجه النسائي في الرقائق، عن إسحاق بن [ ص: 36 ] إبراهيم، وفي الوليمة، عن عمرو بن علي، وأخرجه ابن ماجه في الأطعمة، عن محمد بن بشار.

                                                                                                                                                                                  قوله: "على سكرجة" بضم السين والكاف والراء المشددة بعدها جيم مفتوحة. قال عياض: كذا قيدناه، ونقل عن ابن مكي أنه صوب فتح الراء، وكذا قال التوربشتي، وزاد أنه فارسي معرب والراء في الأصل مفتوحة، ولا حجة في ذلك; لأن الاسم الأعجمي إذا نطقت به العرب لم تبقه على أصله غالبا. قال ابن الجوزي عن شيخه أبي منصور الجواليقي: إنه قال بفتح الراء، قال: وكان بعض أهل اللغة يقول: أسكرجة بالألف وفتح الراء وهي فارسية معربة، وترجمها معرب الحل، وقد تكلمت به العرب، وقال أبو علي: فإن حقرت، يعني فإن صغرت، حذفت الجيم والراء فقلت: أسيكرة، وإن عوضت عن المحذوف تقول أسيكيرة، وزعم سيبويه أن تصغير الخماسي مستكره، وقال ابن مكي: وهي قصاع صغار يؤكل فيها، ومنها كبيرة وصغيرة، فالكبيرة تحمل قدر ست أواق، وقيل: ما بين ثلثي أوقية إلى أوقية، ومعنى ذلك أن العجم كانت تستعملها في الكواميخ وما أشبهها من الجوار شنات حول الموائد للتشهي والهضم.

                                                                                                                                                                                  وقال الداودي: هي قصعة صغيرة مدهونة، وقال ابن قرقول: رأيت لغيره أنها قصعة ذات قوائم من عود كمائدة صغيرة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فقيل لقتادة" القائل هو الراوي.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فعلى ما" كذا هو في رواية الكشميهني بالألف، وفي رواية غيره "فعلى م " بغير الألف.

                                                                                                                                                                                  قوله: "كانوا يأكلون" إنما عدل عن قوله: "فعلى ما كان يأكل" إلى قوله: "كانوا يأكلون" بالجمع إشارة إلى أن ذلك لم يكن مختصا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وحده، بل كان أصحابه يقتفون أثره ويقتدون بفعله ويراعون سنته.

                                                                                                                                                                                  قوله: "على السفر" جمع سفرة، وقد مر تفسيرها.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية