الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5150 1 - حدثني إسحاق بن نصر، حدثنا أبو أسامة قال: حدثني بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فسماه إبراهيم، فحنكه بتمرة ودعا له بالبركة ودفعه إلي، وكان أكبر ولد أبي موسى.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة؛ لأنها في تسمية المولود وتحنيكه، والحديث يشملها.

                                                                                                                                                                                  وإسحاق هو ابن إبراهيم بن نصر البخاري، نزل المدينة، فالبخاري تارة يقول: إسحاق بن إبراهيم، وتارة ينسبه إلى جده وهو من أفراده، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وبريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة ابن عبد الله بن أبي بردة بضم الباء الموحدة وسكون الراء، واسمه عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري، وبريد المذكور يروي عن جده أبي موسى.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن أبي كريب، وأخرجه مسلم في الاستئذان عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره.

                                                                                                                                                                                  وفيه (حكمان): الأول: تسمية المولود وأنه يعجل تسمية المولود ولا ينتظر بها إلى السابع، ألا يرى كيف أسرع أبو موسى بإحضار مولوده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسماه إبراهيم، وقال البيهقي : تسمية المولود حين يولد أصح من الأحاديث في تسميته يوم السابع، [ ص: 84 ] وأورد عليه بما رواه البزار، وابن حبان، والحاكم في (صحيحيهما) عن عائشة قالت: " عق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن والحسين رضي الله عنهما يوم السابع وسماهما " وروى الترمذي من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: " أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتسمية المولود لسابعه " وعن ابن عباس قال: " سبعة من السنة: فالصبي يوم السابع يسمى، ويختن، ويماط عنه الأذى، ويثقب أذنه، ويعق عنه، ويحلق رأسه، ويلطخ من عقيقته، ويتصدق بوزن شعره ذهب أو فضة " أخرجه الدارقطني في (الأوسط) وفي سنده ضعف، وفيه أيضا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رفعه: " إذا كان يوم السابع للمولود فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى وسموه " وإسناده حسن، وقال الخطابي: ذهب كثير من الناس إلى أن التسمية تجوز قبل ذلك، وقال محمد بن سيرين وقتادة والأوزاعي: إذا ولد وقد تم خلقه يسمى في الوقت إن شاء، وقال المهلب: وتسمية المولود حين يولد وبعد ذلك بليلة أو ليلتين وما شاء إذا لم ينو الأب العقيقة عند يوم سابعه جائز، وإن أراد أن ينسك عنه فالسنة أن تؤخر تسميته إلى يوم النسك وهو السابع.

                                                                                                                                                                                  الحكم الثاني: تحنيك المولود، وقد ذكرناه، فإن قلت: ما الحكمة في تحنيكه؟ قلت: قال بعضهم يصنع ذلك بالصبي ليتمرن على الأكل فيقوى عليه، فيا سبحان الله ما أبرد هذا الكلام! وأين وقت الأكل من وقت التحنيك وهو حين يولد، والأكل غالبا بعد سنتين أو أقل أو أكثر، والحكمة فيه أنه يتفاءل له بالإيمان؛ لأن التمر ثمرة الشجرة التي شبهها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمؤمن وبحلاوته أيضا، ولا سيما إذا كان المحنك من أهل الفضل والعلماء والصالحين؛ لأنه يصل إلى جوف المولود من ريقهم، ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حنك عبد الله بن الزبير حاز من الفضائل والكمالات ما لا يوصف، وكان قارئا للقرآن عفيفا في الإسلام، وكذلك عبد الله بن أبي طلحة كان من أهل العلم والفضل والتقدم في الخير ببركة ريقه المبارك.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية