الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5181 32 - حدثنا قتيبة، حدثنا أبو عوانة، عن الأسود بن قيس، عن جندب بن سفيان البجلي قال: ضحينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أضحية ذات يوم، فإذا أناس قد ذبحوا ضحاياهم قبل الصلاة، فلما انصرف رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم قد ذبحوا قبل الصلاة فقال: من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى، ومن كان لم يذبح حتى صلينا فليذبح على اسم الله.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في آخر الحديث، قيل: فائدة هذه الترجمة بعد تقدم الترجمة على التسمية التنبيه على أن الناسي يذبح على اسم الله؛ لأنه لم يقل فيه فليسم، وإنما جعل أصل ذبح المسلم على اسم الله من صفة فعله ولوازمه كما ورد ذكر الله على قلب كل مسلم سمى أو لم يسم، انتهى.

                                                                                                                                                                                  (قلت) التنبيه هنا على أن من ذبح قبل صلاة العيد يعيدها بالتسمية حيث قال: فليذبح على اسم الله، وأعلم به أن وقت الأضحية بعد الصلاة يذبحها مقرونة بالتسمية؛ لأن كلمة على هنا فيها معنى المصاحبة كما في قوله: اركب على اسم الله أي مصاحبا باسم الله.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: قوله "فليذبح على اسم الله" يحتمل أن يكون المراد به الإذن في الذبيحة حينئذ أو المراد به الأمر بالتسمية.

                                                                                                                                                                                  (قلت) المراد به أن الذبيحة بعد الصلاة بالتسمية وأنه لا يجوز قبل الصلاة ولا بدون التسمية، وهذا هو الذي يفهم من الحديث، والقرائن أيضا تدل عليه، وما ذكره هذا القائل بالاحتمالين من سوء التصرف من غير تأمل في معنى الحديث.

                                                                                                                                                                                  [ ص: 115 ] وأبو عوانة الوضاح اليشكري، والأسود بن قيس العبدي أبو قيس الكوفي، وجندب -بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة وضمها- ابن عبد الله بن سفيان البجلي -بفتح الباء الموحدة والجيم- والحديث مر في العيدين في باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد، فإنه أخرجه هناك عن مسلم، عن شعبة، عن الأسود، عن جندب إلى آخره، ومر الكلام فيه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "ضحينا" من ضحى يضحي بالتشديد.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أضحية" بضم الهمزة وكسرها وفيه لغتان أخراوان الضحية والأضحى.

                                                                                                                                                                                  قوله: "ذات يوم" أي في يوم، ولفظ ذات مقحم للتأكيد، قالت النحاة: هو من باب إضافة المسمى إلى اسمه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "على اسم الله" قال الداودي: أي باسم الله، وقد ذكرناه، وقال بعض الناس: لا يقال على اسم الله لأن اسم الله تعالى على كل شيء ويرد بما ذكرناه، وفيه العقوبة بالمال لمخالفة السنة، والتقرير عليها، وفيه أن أصل السنة أن من استعجل شيئا قبل وجوبه أنه يحرمه كقاتل مورثه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية