الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5236 12 - حدثنا مسدد، حدثنا خالد بن عبد الله، حدثنا مطرف، عن عامر، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ضحى خال لي يقال له أبو بردة قبل الصلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: شاتك شاة لحم، فقال: يا رسول الله، إن عندي داجنا جذعة من المعز، قال: اذبحها ولن تصلح لغيرك، ثم قال: من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه، وأصاب سنة المسلمين.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، ومطرف -بضم الميم وفتح الطاء المهملة وكسر الراء وبالفاء- ابن طريف الحارثي، وعامر هو الشعبي، وأخرج البخاري حديث البراء هذا في مواضع كثيرة في العيدين أيضا عن آدم، وعن سليمان بن حرب، وفي العيدين وفي الأضاحي، عن بندار، عن غندر، وفي العيدين عن أبي نعيم وغيرهما، ومضى الكلام فيها.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فقال له أبو بردة) بضم الباء الموحدة، واسمه هانئ البلوي من حلفاء الأنصار، وشهد العقبة وبدرا والمشاهد، وعاش إلى سنة خمس وأربعين، وله في البخاري حديث سيأتي في الحدود.

                                                                                                                                                                                  قوله: (شاة لحم) أي: ليست بأضحية، بل هو لحم ينتفع به كما وقع في رواية زبيد: "فإنما هو لحم يقدمه لأهله" وفي رواية مسلم قال: "شيء عجلته لأهلك" قيل: في إضافة "شاة لحم" إشكال; لأنها ليست من الإضافة اللفظية، وهي إضافة اسم الفاعل أو الصفة المشبهة إلى معمولها كضارب زيد، وحسن الوجه، ولا هي من أنواع الإضافة المعنوية، وهي الإضافة بمعنى من كخاتم فضة، وبمعنى اللام كغلام زيد، وبمعنى في كمكر الليل، وأجيب بأن أبا بردة لما اعتقد أن شاته أضحية أجاب صلى الله عليه وسلم بقوله: "شاة لحم" موضع "شاة غير أضحية".

                                                                                                                                                                                  قلت: هذا جواب غير مقنع لظهور الإشكال فيه وبقائه أيضا، ويمكن أن يقال: إن الإضافة فيه بمعنى اللام، التقدير: شاة واقعة لأجل لحم ينتفع به لا لأجل أضحية؛ لوقوع ذبحها في غير وقتها.

                                                                                                                                                                                  قوله: (داجنا) الداجن بكسر الجيم الشاة التي تألف البيوت وتستأنس، وليس لها سن معين، قيل: إنما لم يدخل التاء في داجن; لأن الشاة مما يفرق بين جنسه وواحده بالتاء، فتأنيثه وتذكيره يظهر بالوصف، ورد هذا بأن هذا التقدير لا يصح هنا; لأن قوله (جذعة) بالنصب عطف بيان للداجن، وهي للمؤنث، فيلزم أن يكون مذكرا ومؤنثا، والجواب الموجه أن يقال: الداجن صار اسما لما يألف البيوت، واضمحل معنى الوصفية عنه، فاستوى فيه المذكر والمؤنث.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية