الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5290 37 - حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو عامر، حدثنا فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من الأنصار، ومعه صاحب له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن كان عندك ماء بات هذه الليلة في شنة وإلا كرعنا، قال: والرجل يحول الماء في حائطه، قال: فقال الرجل: يا رسول الله، عندي ماء بائت، فانطلق إلى العريش، قال: فانطلق بهما، فسكب في قدح، ثم حلب عليه من داجن له قال: فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم شرب الرجل الذي جاء معه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وعبد الله بن محمد الجعفي المعروف بالمسندي، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي بفتحتين.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه أبو داود في الأشربة، عن أبي عامر أيضا، وعن يحيى بن صالح، وأخرجه ابن ماجه فيه عن أحمد بن منصور الزيادي.

                                                                                                                                                                                  قوله: (على رجل من الأنصار) قيل: إنه أبو الهيثم بن التيهان الأنصاري.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ومعه) أي: ومع النبي صلى الله عليه وسلم صاحب له، وهو أبو بكر رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (في شنة) بفتح الشين المعجمة، وتشديد النون، وهي القربة الخلقة، وقال الداودي: هي التي زال شعرها من البلاء بكسر الباء.

                                                                                                                                                                                  قلت: من كثرة الاستعمال.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وإلا كرعنا) فيه حذف، تقديره: إن كان عندك إناء فاسقنا وإلا كرعنا، من الكرع وهو تناول الماء بالفم من غير إناء ولا كف، وقال ابن التين: حكى عبد الملك أنه الشرب باليدين معا، قال: وأهل اللغة على خلافه، وكرع بفتح الراء، وقال الجوهري: بالكسر أيضا يكرع كرعا، والنهي عن الشرب بالكرع؛ لئلا يعذب نفسه بكراهته في كثرة الجرعات.

                                                                                                                                                                                  قوله: (والرجل يحول الماء في حائطه أيضا) أي: ينقل الماء من مكان إلى مكان آخر من البستان ليعم أشجاره بالسقي.

                                                                                                                                                                                  قوله: (إلى العريش) أراد به ما يستظل به، وقيل: هو خيمة من خشب وثمام بضم الثاء المثلثة مخففا، وهو نبات ضعيف له خوص، وقد يجعل من الجريد كالقبة أو من العيدان، ويظلل عليها، وليس منافيا للزهد.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فسكب في قدح) في رواية أحمد: فسكب ماء في قدح.

                                                                                                                                                                                  قوله: (من داجن) بكسر الجيم، وهو الشاة التي تألف البيوت.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ثم شرب الرجل) في رواية أحمد: شرب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وسقى صاحبه.

                                                                                                                                                                                  وفيه أنه لا بأس بطلب الماء البارد في سموم الحر، وفيه قصد الرجل الفاضل بنفسه حيث يعرف مواضعه عند إخوانه، وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة أن يقال له: ألم أصح جسمك، وأروك من الماء البارد؟! وفيه جواز خلط اللبن بالماء عند الشرب، ولا يجوز عند البيع، وفيه أن من قدم إليه طعام لا يلزمه أن يسأل من أين صار إليه إلا إذا علم أن أكثر ماله حرام، فإنه لا يأكله فضلا عن أن يسأله.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية