الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5361 8 - حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا سلام بن مسكين، حدثنا ثابت، عن أنس أن ناسا كان بهم سقم قالوا: يا رسول الله آونا وأطعمنا، فلما صحوا قالوا: إن المدينة وخمة، فأنزلهم الحرة في ذود له فقال: اشربوا من ألبانها، فلما صحوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا ذوده، فبعث في آثارهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم، فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى يموت. قال سلام: فبلغني أن الحجاج قال لأنس: حدثني بأشد عقوبة عاقبه النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بهذا فبلغ الحسن فقال: وددت أنه لم يحدثه بهذا.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "اشربوا من ألبانها" وسلام بفتح السين المهملة وتشديد اللام بن مسكين الأزدي النمري، وما له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر سيأتي في الأدب، قيل: وقع في اللباس عن موسى بن إسماعيل: حدثنا سلام، عن عثمان بن عبد الله فزعم الكلاباذي أنه سلام بن مسكين وليس كذلك، بل هو سلام بن أبي مطيع، وثابت -ضد الزائل- البناني، عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  ورجال هذا الإسناد كلهم بصريون. وهذا حديث العرنيين، وقد مر الكلام فيه في كتاب الطهارة في باب أبوال الإبل والدواب.

                                                                                                                                                                                  قوله: "إن ناسا" زاد بهز في روايته "من أهل الحجاز".

                                                                                                                                                                                  قوله: "كان بهم سقم" بفتح السين وضمها مثل حزن وحزن بفتحتين أيضا.

                                                                                                                                                                                  قوله: "آونا" بالهمزة الممدودة وكسر الواو أي: أنزلنا في مأوى، وهو المنزل من آوى يؤوي، وثلاثيه أوى يأوي، يقال: أويت إلى المنزل وآويت غيري وأويته بالقصر أيضا أنكره بعضهم، وقال الأزهري: هي لغة فصيحة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فلما صحوا" فيه حذف، تقديره: فآواهم وأطعمهم، فلما صحوا قالوا: "إن المدينة وخمة" بفتح الواو وكسر [ ص: 235 ] الخاء المعجمة، أي: غير موافقة لساكنها.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فأنزلهم الحرة" بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء وهي أرض ذات حجارة سود.

                                                                                                                                                                                  قوله: "في ذود" أي: بين ذود بفتح الذال المعجمة وسكون الواو وبالدال المهملة، وهو من الإبل ما بين ثلاثة إلى عشرة. وذكر ابن سعد كان عدد الذود خمس عشرة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "من ألبانها" وتقدم في رواية أبي قلابة "من ألبانها وأبوالها".

                                                                                                                                                                                  قوله: "فلما صحوا" فيه حذف أيضا، تقديره: فخرجوا فشربوا، فلما صحوا قتلوا الراعي إلى آخره.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وسمر أعينهم" كذا بالراء في رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني وسمل باللام موضع الراء، ومعنى سمر كحلها بالمسامير المحماة، يقال: سمرت بالتشديد والتخفيف، ومعنى سمل أعينهم أي: فقأها بحديدة محماة أو غيرها، وقيل: هو فقؤها بالشوك، وإنما فعل بهم ذلك; لأنهم فعلوا بالراعي كذلك فجازاهم على صنعهم، وقيل:إن هذا كان قبل أن ينزل الحدود، فلما نزلت نهى عن المثلة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "يكدم الأرض" بضم الدال وكسرها من الكدم وهو العض بأدنى الفم كالحمار، وزاد بهز في روايته "مما يجد من الغم والوجع".

                                                                                                                                                                                  قوله: "قال سلام" أي: سلام بن مسكين هو موصول بالسند المذكور.

                                                                                                                                                                                  قوله: "إن الحجاج" هو ابن يوسف الثقفي حاكم العراق المشهور.

                                                                                                                                                                                  قوله: "عاقبه" كذا بالتذكير باعتبار العقاب، وفي رواية بهز "عاقبها" على ظاهر اللفظ.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فبلغ الحسن" أي: البصري، وإنما قال: "وددت" لأن الحجاج كان ظالما يتمسك في الظلم بأدنى شيء، وفي رواية بهز: "فوالله ما انتهى الحجاج حتى قام بها على المنبر، فقال: حدثنا أنس، فذكره وقال: قطع النبي صلى الله عليه وسلم الأيدي والأرجل وسمر الأعين في معصية الله، أفلا نفعل نحو ذلك في معصية الله، وساق الإسماعيلي من وجه آخر عن ثابت: حدثني أنس قال: ما ندمت على شيء ما ندمت على حديث حدثت به الحجاج، فذكره.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية