الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5507 63 - حدثنا أبو الوليد، حدثنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، قال: حدثني أبي قال: حدثتني أم خالد بنت خالد قالت: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثياب فيها خميصة سوداء، قال: من ترون نكسوها هذه الخميصة؟ فأسكت القوم، قال: ائتوني بأم خالد، فأتي بي النبي - صلى الله عليه وسلم - فألبسها بيده، وقال: أبلي وأخلقي - مرتين- فجعل ينظر إلى علم الخميصة ويشير بيده إلي، ويقول: يا أم خالد، هذا سناه. والسنا بلسان الحبشية: الحسن. قال إسحاق: حدثتني امرأة من أهلي أنها رأته على أم خالد.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله:" أبلي وأخلقي".

                                                                                                                                                                                  وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي. وأم خالد بن الزبير بن العوام بنت خالد بن سعيد بن العاص.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في باب الخميصة السوداء عن قريب.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فأسكت" من الإسكات بمعنى السكوت، ويقال: تكلم الرجل ثم سكت، بغير ألف، وإذا انقطع كلامه فلم يتكلم، قلت: أسكت، وقال صاحب (التوضيح): وأسكت بضم الهمزة. قلت: ليس كذلك.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أبلي" من الإبلاء، وهو جعل الثوب عتيقا، و" أخلقي" من الإخلاق والخلوقة، وهما بمعنى واحد، قال الكرماني: قال هنا: " خميصة سوداء"، وقال في الجهاد: " قميص أصفر"، ثم قال: لا يمتنع الجمع بينهما; إذ لا منافاة في وجودهما.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قال إسحاق" ابن سعيد المذكور، وهو موصول بالسند المذكور.

                                                                                                                                                                                  قوله: " رأته"؛ أي: الثوب، وأرادت به الخميصة المذكورة، فهذا دل على أنها بقيت زمانا طويلا. وروى النسائي وابن ماجه من حديث ابن عمر قال: رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على عمر ثوبا، فقال: البس جديدا وعش حميدا ومت شهيدا ، وأعله النسائي ، وصححه ابن حبان . وروى أبو داود، والترمذي وصححه من حديث أبي سعيد : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استجد ثوبا سماه باسمه؛ عمامة، أو قميصا، أو رداء، ثم يقول: اللهم لك الحمد، أنت كسوتنيه، أسألك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له ". وأخرجه الحاكم أيضا وصححه. وروى الترمذي أيضا من حديث عمر رفعه: " من لبس ثوبا جديدا، فقال: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي، ثم عمد إلى الثوب الذي أخلق فتصدق به - كان في حفظ الله، وفي كنف الله حيا وميتا". وروى أحمد والترمذي وحسنه من حديث معاذ بن أنس رفعه " من لبس ثوبا، فقال: الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة - غفر الله له ما تقدم من ذنبه ". ولم [ ص: 22 ] يرو البخاري حديثا منها; لأنها لم تثبت على شرطه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية