الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5613 168 - حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد، عن أبي طلحة، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه الصورة، قال بسر: ثم اشتكى زيد فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، فقلت لعبيد الله، ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول، فقال عبيد الله: [ ص: 74 ] ألم تسمعه حين قال: إلا رقما في ثوب.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا الحديث ليس فيه تعرض إلى ما في الترجمة، وبكير، مصغر بكر، ابن عبد الله بن الأشج، بالمعجمتين، وبسر، بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة وبالراء، ابن سعيد المدني، وزيد ابن خالد الجهني الصحابي، وأبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري، الصحابي المشهور.

                                                                                                                                                                                  وفي السند تابعيان في نسق، وصحابيان في نسق، وكلهم مدنيون.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري في بدء الخلق، عن أحمد، عن ابن وهب، في باب ذكر الملائكة، وأخرجه مسلم وأبو داود، كلاهما عن قتيبة به، وأخرجه النسائي في الزينة، عن إسحاق بن إبراهيم.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فيه صورة" كذا في رواية كريمة وغيرها، وفي رواية أبي ذر عن مشايخه إلا المستملي: " فيه صور" بصيغة الجمع. قوله: " قلت" القائل هو بسر بن سعيد، " يقول لعبيد الله " هو ابن الأسود، ويقال: ابن أسد، ويقال له: ربيب ميمونة؛ لأنها كانت ربته، وكان من مواليها، ولم يكن ابن زوجها، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وحديث آخر تقدم في الصلاة من روايته عن عثمان رضي الله تعالى عنه. قوله: " يوم الأول" من إضافة الموصوف إلى صفته، والمراد به الوقت الماضي، وفي رواية الكشميهني: "يوم أول". قوله: " حين قال"؛ أي: زيد بن خالد " إلا رقما" بفتح الراء وسكون القاف وفتحها: النقش والكتابة، وقال الخطابي: المصور هو الذي يصور أشكال الحيوان، والنقاش الذي ينقش أشكال الشجر ونحوها، فإني أرجو أن لا يدخل في هذا الوعيد، وإن كان جملة هذا الباب مكروها وداخلا فيما يشغل القلب بما لا يعني. وقال الطحاوي: يحتمل قوله: " إلا رقما في ثوب" أنه أراد رقما يوطأ ويمتهن؛ كالبسط والوسائد. انتهى. وقالوا: كره رسول الله ما كان سترا ولم يكره ما يداس عليه ويوطأ، وبهذا قال سعد بن أبي وقاص، وسالم، وعروة، وابن سيرين، وعطاء، وعكرمة، وقال عكرمة: فيما يوطأ من الصور هوان لها، وهذا أوسط المذاهب، وبه قال مالك، والثوري، وأبو حنيفة، والشافعي؛ وإنما نهى الشارع أولا عن الصور كلها وإن كانت رقما؛ لأنهم كانوا حديثي عهد بعبادة الصور، فنهى عن ذلك جملة، ثم لما تقرر نهيه عن ذلك أباح ما كان رقما في ثوب للضرورة إلى إيجاد الثياب، فأباح ما يمتهن؛ لأنه يؤمن على الجاهل تعظيم ما يمتهن، وبقي النهي فيما لا يمتهن.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية