الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5710 85 - حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل؛ فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه.

                                                                                                                                                                                  قال أحمد: أفهمني رجل إسناده.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: " من لم يدع قول الزور"; لأن معناه: من لم يترك ولم يجتنب، وأحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي، نسب إلى جده. وابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب، واسمه هشام القرشي المدني. والمقبري، بفتح الميم وسكون القاف وضم الباء الموحدة، هو سعيد بن أبي سعيد، واسمه كيسان، كان يسكن عند مقبرة فنسب إليها.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في كتاب الصوم في باب: من لم يدع قول الزور، فإنه أخرجه هناك عن آدم بن أبي إياس، عن ابن أبي ذئب به إلى آخره.

                                                                                                                                                                                  قوله: " والعمل به"؛ أي: بمقتضى قول الزور. قوله: " والجهل"، بالنصب؛ أي: ولم يدع الجهل، وهو فعل الجهال أو السفاهة على الناس، وجاء الجهل بمعناها. قوله: " فليس لله حاجة "؛ مجاز عن عدم القبول.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قال أحمد" هو ابن يونس المذكور، " أفهمني رجل إسناده"؛ أي: إسناد الحديث المذكور؛ كأنه لم يتيقن إسناده من لفظ شيخه ابن أبي ذئب فأفهمه رجل غيره، وبعكس هذا قاله أبو داود؛ وذلك أنه لما روى هذا الحديث قال في آخره: قال أحمد: فهمت إسناده من ابن أبي ذئب، وأفهمني الحديث رجل إلى جنبه أراه ابن أخيه.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني: قال أحمد: أفهمني؛ أي كنت نسيت هذا الإسناد فذكرني رجل إسناده، أو أراد رجلا عظيما، والتنوين يدل عليه، والغرض مدح شيخه ابن أبي ذئب، أو رجل آخر غيره أفهمه. انتهى.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: خبط الكرماني هنا، قلت: هو من الذي خبط من وجوه:

                                                                                                                                                                                  (الأول): فيه ترك الأدب في حق من تقدمه في الإسلام والعلم [ ص: 131 ] والتصنيف.

                                                                                                                                                                                  (والثاني): ما نقل كلامه مثل ما نقلته، بل خبط فيه حيث قال: قال؛ أي: الكرماني: قوله: " أفهمني"؛ أي: كنت نسيت هذا الإسناد فذكرني به رجل، أو أراد: رجل آخر عظيم؛ لما يدل عليه التنكير، والغرض مدح شيخه، أو آخر. انتهى. هذا الذي ذكره هذا القائل، ونسبه إلى الكرماني، فانظر إلى التفاوت بين الكلامين، فالناظر الذي يتأمل فيه يعرف أن التخبيط جاء من أين؟

                                                                                                                                                                                  (والثالث) أنه فهم من قوله: " أو رجل آخر" أنه يمدح شيخه، وليس كذلك، بل غرضه أنه يمدح شيخه أو رجلا آخر غيره أفهمه كما صرح.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية