الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5783 158 - حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا حسين، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو قال: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟ قلت: بلى، قال: فلا تفعل، قم ونم، وصم وأفطر; فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإنك عسى أن يطول بك عمر، وإن من حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، فإن بكل حسنة عشر أمثالها، فذلك الدهر كله، قال: فشددت فشدد علي، فقلت: فإني أطيق غير ذلك، قال: فصم من كل جمعة ثلاثة أيام، قال: فشددت فشدد علي، قلت: إني أطيق غير ذلك، قال: فصم صوم نبي الله داود، قلت: وما صوم نبي الله داود؟ قال: نصف الدهر.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " وإن لزورك عليك حقا" والزور، بفتح الزاي وسكون الواو وبالراء؛ بمعنى الزائر، وهو الضيف، وحقه يوم وليلة، واختلف في وجوبها فأوجبها الليث بن سعد فرضا ليلة واحدة، وأجاز للعبد المأذون له أن يضيف مما في يده، واحتج بحديث عقبة، وقالت جماعة من أهل العلم: الضيافة من مكارم الأخلاق في باديته وحاضرته، وهو قول الشافعي. وقال مالك: ليس على أهل الحضر ضيافة، وقال سحنون: إنما الضيافة على أهل القرى، وأما الحضر؛ فالفندق ينزل فيه المسافرون. وحديث عقبة كان في أول الإسلام حين كانت المواساة واجبة، فأما إذا أتى الله بالخير والسعة؛ فالضيافة مندوب إليها.

                                                                                                                                                                                  وقوله صلى الله عليه وسلم: " جائزته في يوم وليلة" دليل على أن الضيافة ليست بفريضة، والجائزة في لسان العرب المنحة والعطية، وذلك تفضل وليس بواجب. وحسين في السند هو المعلم.

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مضى في كتاب الصوم في باب حق الضيف في الصوم، ومضى الكلام فيه مشروحا.

                                                                                                                                                                                  قوله: " دخل علي" بتشديد الياء، وفاعل "دخل" هو النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: " ألم أخبر " بلفظ المجهول. قوله: " أن يطول بك عمر" يعني عسى أن تكون طويل العمر فتبقى ضعيف القوى، كليل الحواس، نهيك النفس، فلا تقدر على المداومة عليه؛وخير الأعمال ما دام وإن قل. قوله: " وإن من حسبك"؛ أي: من كفايتك، ويروى: " وإن حسبك"؛ أي: كافيك، ويحتمل زيادة "من" على رأي الكوفيين. قوله: " الدهر" بالرفع والنصب؛ أما الرفع فعلى تقدير: هو الدهر كله، وأما النصب فعلى تقدير: أن تصوم الدهر.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية