الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5959 [ ص: 288 ] 14 - حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن علي أن فاطمة عليها السلام شكت ما تلقى في يدها من الرحى، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فلم تجده، فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرته؛ قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبت أقوم، فقال: مكانك، فجلس بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أويتما إلى فراشكما، أو أخذتما مضاجعكما، فكبرا ثلاثا وثلاثين، وسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين؛ فهذا خير لكما من خادم.

                                                                                                                                                                                  وعن شعبة عن خالد عن ابن سيرين قال: التسبيح أربع وثلاثون.


                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة. والحكم، بفتحتين، ابن عتيبة، مصغر عتبة الدار، وابن أبي ليلى عبد الرحمن، واسم أبي ليلى يسار، وعلي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الخمس في باب: الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم; فإنه أخرجه هناك عن بدل بن المحبر عن شعبة عن الحكم، إلى آخره، ومضى الكلام فيه، ومضى أيضا في فضل علي رضي الله تعالى عنه عن بندار عن غندر، وفي النفقات عن مسدد عن يحيى.

                                                                                                                                                                                  قوله: "شكت ما تلقى في يدها من الرحى" وفي رواية بدل بن المحبر: مما تطحن، وفي رواية الطبري: وأرته أثرا في يدها من الرحى، وفي رواية عبد الله بن أحمد في (مسند) أبيه: اشتكت فاطمة مجل يدها، بفتح الميم وسكون الجيم، وهو التقطيع. وروى ابن سعد عن علي أنه قال لفاطمة ذات يوم: والله لقد سنوت حتى قد اشتكيت صدري، فقالت: أنا والله لقد طحنت حتى مجلت يدي. قوله: "سنوت" بفتح السين المهملة والنون؛ أي: استقيت من البئر فكنت مكان السانية، وهي الناقة. قوله: "خادما"؛ أي: جارية تخدمها، وهو يطلق على الذكر والأنثى. قوله: "فلم تجده"؛ أي: فلم تجد فاطمة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وفي رواية القطان: فلم تصادفه، وفي رواية بدل بن المحبر: فلم توافقه، وهو بمعنى تصادفه.

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: في رواية أبي الوراد: فأتيته فوجدت عنده حداثا، بضم الحاء المهملة وتشديد الدال وبالثاء المثلثة؛ أي: جماعة يتحدثون، فاستحييت فرجعت. قلت: يحمل على أنها لم تجده في المنزل; بل في مكان آخر؛ كالمسجد، وعنده من يتحدث معه. قوله: "مكانك" بالنصب؛ أي: الزمه، وفي رواية غندر: مكانكما، وفي رواية بدل بن المحبر: على مكانكما؛ أي: استمرا على ما أنتما عليه. قوله: "فجلس بيننا" وفي رواية غندر: فقعد بدل "جلس"، وفي رواية النسائي: حتى وضع قدمه بيني وبين فاطمة. قوله: "حتى وجدت برد قدميه" هكذا هنا بالتثنية، وفي رواية الكشميهني بالإفراد. قوله: "على ما هو خير" وجه الخيرية إما أن يراد به أنه يتعلق بالآخرة، والخادم بالدنيا والآخرة خير وأبقى، وإما أن يراد بالنسبة إلى ما طلبته بأن يحصل لها بسبب هذه الأذكار قوة تقدر على الخدمة أكثر مما يقدر الخادم، وفي رواية السائب: ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ قالا: بلى، فقال كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام. قوله: "أو أخذتما" شك من سليمان بن حرب. قوله: "فكبرا ثلاثا وثلاثين" كذا في رواية مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في النفقات في الجميع: ثلاثا وثلاثين، ثم قال في آخره: قال سفيان في رواية: إحداهن أربع، وفي رواية النسائي عن قتيبة عن سفيان: لا أدري أيها أربع وثلاثون، وفي رواية الطبري من طريق أبي أمامة الباهلي عن علي في الجميع: ثلاثا وثلاثين، واختماها بـ"لا إله إلا الله"، وفي رواية: فكبرا أربعا وثلاثين، وسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين. وفي رواية هبيرة عن علي رضي الله تعالى عنه: فتلك مائة باللسان وألف في الميزان، وفي رواية للطبري عن علي رضي الله تعالى عنه: احمدا أربعا وثلاثين، وكذا في حديث أم سلمة، وله من طريق هبيرة أن التهليل أربع وثلاثون ولم يذكر التحميد. قوله: "كبرا" بصيغة الأمر للاثنين، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم: تسبحين، بصيغة المضارع، وفي رواية غندر للكشميهني بصيغة الأمر، وعن غير الكشميهني: تكبران، بصيغة المضارع [ ص: 289 ] للمثنى بالنون، وحذفت في نسخة؛ تخفيفا.

                                                                                                                                                                                  قوله: "عن خالد" هو الحذاء عن ابن سيرين هو محمد، قال: التسبيح أربع وثلاثون، هذا موقوف على ابن سيرين، واتفاق الرواة على أن الأربع للتكبير أرجح.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية