الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6002 56 - حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب ، أنه سمع أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة : التمس لنا غلاما من غلمانكم يخدمني ، فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه ، فكنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما نزل ، فكنت أسمعه يكثر أن يقول : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال ، فلم أزل أخدمه حتى أقبلنا من خيبر ، وأقبل بصفية بنت حيي قد حازها ، فكنت أراه يحوي وراءه بعباءة أو كساء ثم يردفها وراءه ، حتى إذا كنا بالصهباء صنع حيسا في نطع ثم أرسلني ، فدعوت رجالا فأكلوا ، وكان ذلك بناءه بها ، ثم أقبل حتى بدا له أحد قال : هذا جبل يحبنا ونحبه ، فلما أشرف على المدينة قال : اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم إبراهيم مكة ، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " وغلبة الرجال " .

                                                                                                                                                                                  وعمرو بن أبي عمرو بالواو ، وفيهما مولى المطلب بضم الميم وتشديد الطاء وكسر اللام وبالباء الموحدة ابن عبد الله بن حنطب بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح الطاء المهملة وبالباء الموحدة المخزومي القرشي .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الجهاد في باب : من غزا بصبي للخدمة ، فإنه أخرجه هناك عن قتيبة ، عن يعقوب ، عن عمرو بن أبي عمرو إلى آخره .

                                                                                                                                                                                  قوله : " لأبي طلحة " اسمه زيد بن سهل الأنصاري زوج أم سليم أم أنس رضي الله تعالى عنهم .

                                                                                                                                                                                  قوله : " يردفني " حال من الإرداف .

                                                                                                                                                                                  قوله : " من الهم " الهم لمكروه يتوقع ، والحزن لمكروه واقع ، والبخل ضد الكرم ، والجبن ضد الشجاعة ، وفي بعض النسخ بعد قوله : " والحزن والعجز والكسل " والعجز ضد القدرة والكسل التثاقل عن الأمر ضد الجلادة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وضلع الدين " بفتحتين ثقله وشدته وقوته .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فلم أزل أخدمه يعني : إلى موته .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وحازها " بالحاء المهملة والزاي أي : اختارها من الغنيمة وأخذها لنفسه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أراه " قال الكرماني : بضم الهمزة أبصره .

                                                                                                                                                                                  قلت : الظاهر أنه أراه بالفتح [ ص: 3 ] لأنه من رؤية العين وأراه بالضم بمعنى أظنه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " يحوي " بضم الياء وفتح الحاء المهملة وكسر الواو المشددة أي : يجمع ويدور ، يعني يجعل العباءة كحوية خشية أن تسقط وهي التي تعمل نحو سنام البعير ، وقال القاضي : كذا رويناه يحوي بضم الياء وفتح الحاء وتشديد الواو ، وذكر ثابت والخطابي بفتح الياء وإسكان الحاء وتخفيف الواو ، ورويناه كذلك عن بعض رواة البخاري ، وكلاهما صحيح ، وهو أن يجعل لها حوية وهي كساء محشو بليف يدار حول سنام الراحلة وهو مركب من مراكب النساء ، وقد رواه ثابت : يحول باللام ، وفسره بيصلح لها عليه مركبا .

                                                                                                                                                                                  قوله : " بعباءة " وهي ضرب من الأكسية وهي بالمد .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أو كساء " من عطف العام على الخاص .

                                                                                                                                                                                  قوله : " الصهباء " بالمد موضع بين خيبر والمدينة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " حيسا " بفتح الحاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف ، وبالسين المهملة وهي تمر يخلط بالسمن والأقط .

                                                                                                                                                                                  قوله : " في نطع " فيه أربع لغات .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وبناؤه بها " أي : زفافه بصفية .

                                                                                                                                                                                  قوله : " حتى إذا بدا " أي : ظهر .

                                                                                                                                                                                  قوله : " يحبنا ونحبه " المحبة تحتمل الحقيقة لشمول قدرة الله عز وجل وتحتمل المجاز أو فيه إضمار أي : يحبنا أهله وهم أهل المدينة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " مثل ما حرم " أي : في نفس حرمة الصيد لا في الجزاء ونحوه ، قال الكرماني : فإن قلت : ويروى مثل ما حرم به بزيادة به .

                                                                                                                                                                                  قلت : إما أن يكون مثل منصوبا بنزع الخافض أي : بمثل ما حرم به وهو الدعاء بالتحريم ، أو معناه أحرم بهذا اللفظ وهو أحرم مثل ما حرم به إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، ومضى الكلام في المد والصاع في الزكاة وغيرها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية