الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6141 93 - حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، حدثنا أبو الزناد ، عن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها [ ص: 92 ] فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون ، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ، ولتقومن الساعة وقد رفع أحدكم أكلته إلى فيه فلا يطعمها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة على رواية الكشميهني ظاهرة ، وعلى رواية غيره هو داخل فيما قبله . وأبو اليمان : الحكم بن نافع ، وشعيب : هو ابن أبي حمزة ، وأبو الزناد : بالزاي والنون ، عبد الله بن ذكوان ، وعبد الرحمن : هو ابن هرمز الأعرج . والحديث مختصر من حديث سيأتي في أواخر كتاب الفتن بهذا الإسناد بتمامه ، وأوله " لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان " ، وذكر فيه نحو عشرة أشياء من هذا الجنس ثم ذكر ما في هذا الباب مقتصرا على ما يتعلق بطلوع الشمس .

                                                                                                                                                                                  قوله : " من مغربها " قال الكرماني : أهل الهيئة بينوا أن الفلكيات بسيطة لا تختلف مقتضياتها ولا يتطرق إليها خلاف ما هي عليه ، ثم أجاب بقوله : قواعدهم منقوضة ومقدماتهم ممنوعة ، ولئن سلمنا صحتها فلا امتناع في انطباق منطقة البروج على معدل النهار بحيث يصير المشرق مغربا وبالعكس . قوله : " آمنوا أجمعون " وفي رواية أبي زرعة عن أبي هريرة في التفسير " فإذا رآها الناس آمن من عليها " أي : من على الأرض من الناس . قوله : " فذلك " هكذا رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره " فذاك " ووقع في رواية التفسير " وذلك " بالواو ، ويعني : عند طلوع الشمس من مغربها " لا ينفع نفسا إيمانها " وقال الطبري : معنى الآية : لا ينفع كافرا لم يكن آمن قبل الطلوع إيمان بعد الطلوع ، لأن حكم الإيمان والعمل الصالح حينئذ حكم من آمن أو عمل عند الغرغرة ، وذلك لا يفيد شيئا ، كما قال الله تعالى : فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا وكما ثبت في الحديث الصحيح " تقبل توبة العبد ما لم يبلغ الغرغرة " . وقال ابن عطية : في هذا الحديث دليل على أن المراد بالبعض في قوله تعالى : يوم يأتي بعض آيات ربك طلوع الشمس من المغرب ، وإلى ذلك ذهب الجمهور ، واعلم أن الشمس تجري بقدرة الله تعالى ، وتغرب في عين حمئة ، ثم تبلغ العرش فتسجد ثم تستأذن فيؤذن لها فتعود إلى المطلع ، فإذا كانت تلك الليلة لم يؤذن لها إلى ما شاء الله ، ثم يؤذن لها وقد مضى وقت طلوعها ، فتسير سيرا فتعلم أنها لا تبلغ إلى المطلع في باقي ليلتها ، فتعود إلى مغربها ، فتطلع منه ، فمن كان قبل كافرا لم ينفعه إيمانه ، ومن كان مؤمنا مذنبا لم تنفعه توبته ، وروى الترمذي من حديث صفوان بن غسان ، قال : سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول : " إن بالمغرب بابا مفتوحا للتوبة مسيرة سبعين سنة ، لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها " . وقال : حديث حسن صحيح .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وقد نشر الرجلان " الواو فيه للحال ، قوله : " بلبن " لقحته ، بكسر اللام وهي الناقة الحلوب . قوله : " يليط حوضه " من لاط حوضه وألاطه : إذا أصلحه وطينه . قوله : " أكلته " أي : لقمته ، وهي بالضم ، وأما بالفتح فهي المرة الواحدة ، هذا كله إخبار عن الساعة أنها تأتي فجأة وأسرع من دفع اللقمة إلى الفم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية