الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6163 115 - حدثني محمد بن بشار ، حدثنا غندر ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله ، قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في قبة فقال : أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة ؟ قلنا : نعم . قال : أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة ؟ قلنا : نعم . قال : أترضون أن تكونوا شطر أهل الجنة ؟ قلنا : نعم . قال : والذي نفس محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة ، وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة ، وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود . [ ص: 108 ] أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن كون هذه الأمة نصف أهل الجنة لا يكون إلا بعد الحشر ، وهذا بطريق الاستثناء . ورجال هذا الحديث قد تكرر ذكرهم جدا ، وغندر : هو محمد بن جعفر ، وأبو إسحاق : عمرو بن عبد الله السبيعي ، وعمرو بن ميمون الأزدي : أدرك الجاهلية ، وكان فيمن رجم القردة الزانية ، وعبد الله : هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه . والحديث أخرجه البخاري أيضا في النذور عن أحمد بن عثمان ، وأخرجه مسلم في الإيمان عن محمد بن المثنى وبندار وغيرهما ، وأخرجه الترمذي في صفة الجنة عن محمود بن غيلان ، وأخرجه ابن ماجه في الزهد عن بندار به .

                                                                                                                                                                                  قوله : " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم " وفي رواية مسلم " نحوا من أربعين رجلا " ، قوله : في قبة ، وفي رواية الإسماعيلي عن أبي إسحاق " أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بمنى إلى قبة من أدم " . قوله : " أترضون " ذكره بهمزة الاستفهام لإرادة تقرير البشارة بذلك ، وذكره بالتدريج ليكون أعظم لسرورهم ، وفي رواية يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق " إذ قال لأصحابه : ألا ترضون " وفي رواية إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق " أليس ترضون " ووقع في رواية مالك بن مغول " أتحبون " . قوله : " إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة " وفي رواية إسرائيل " نصف " بدل " شطر " ، وفي حديث أبي سعيد " إني لأطمع " بدل " لأرجو " ووقع لابن عباس نحو حديث أبي سعيد الذي سيأتي من رواية الكلبي عن أبي صالح " إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة ، بل أرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة " قالوا : لا تصح هذه الزيادة لأن الكلبي واه ، ولكن وقع في حديث أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة وفيه " إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ، بل أنتم ثلث أهل الجنة ، بل أنتم نصف أهل الجنة ، وتقاسمونهم في النصف الثاني " ، وروى الترمذي من حديث بريدة رفعه أهل الجنة عشرون ومائة صف ، أمتي منها ثمانون صفا .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أو كالشعرة السوداء " قال الكرماني : " أو " إما تنويع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما شك من الراوي . قوله : " الأحمر " كذا في رواية الأكثرين ، وكذا في رواية مسلم ، وفي رواية أبي أحمد الجرجاني عن الفربري " الأبيض " بدل الأحمر ، وقال ابن التين : أطلق الشعرة وليس المراد حقيقة الوحدة ، لأنه لا يكون ثور في جلده شعرة واحدة من غير لونه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية