الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6233 14 - حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا أبو غسان ، حدثني أبو حازم ، عن سهل : أن رجلا من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين في غزوة غزاها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من أحب أن ينظر إلى الرجل من أهل النار فلينظر إلى هذا ، فاتبعه رجل من القوم وهو على تلك الحال من أشد الناس على المشركين حتى جرح ، فاستعجل الموت فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتى خرج من بين كتفيه ، فأقبل الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسرعا فقال : أشهد أنك رسول الله ، فقال : وما ذاك ؟ قال : قلت لفلان : من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه ، وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين ، فعرفت أنه لا يموت على ذلك ، فلما جرح استعجل الموت فقتل نفسه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة ، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار ، وإنما الأعمال بالخواتيم .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في آخر الحديث ، وأبو غسان بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة محمد بن مطرف ، وأبو حازم بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار ، وسهل بن سعد الأنصاري .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الجهاد في باب لا يقول فلان شهيدا ومضى الكلام فيه ، وفي ( التوضيح ) إن حديث أبي هريرة السابق وهذا الحديث قصة واحدة ، وإن الراوي نقل على المعنى ويحتمل أن يكونا رجلين .

                                                                                                                                                                                  قوله : " غناء " بفتح الغين المعجمة والمد يقال : أغنى عنه غناء فلان أي : ناب عنه وأجرى مجراه ، وما فيه غناء ذاك أي : الاضطلاع والقيام عليه ، وقال ابن ولاد : الغناء بالفتح والمد النفع والغنا بالكسر والقصر ضد الفقر وبالمد الصوت .

                                                                                                                                                                                  قوله : " في غزوة " هي غزوة خيبر .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فلينظر إلى هذا " أي : إلى هذا الرجل وهو قزمان أو غيره إن كان قضيتان .

                                                                                                                                                                                  قوله : " حتى جرح " على صيغة المجهول .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ذبابة سيفه " الذبابة بضم الذال المعجمة وهو الطرف ، قيل : في الحديث السابق أنه نحر نفسه بالسهم ، وهنا قال بالذبابة ، وأجيب إن كانت القصة واحدة فلا منافاة لاحتمال استعمالهما كليهما ، وإن كانت قصتين فظاهرة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " بين ثدييه " قال ابن فارس : الثندؤة بالهمزة للرجل والثدي للمرأة .

                                                                                                                                                                                  والحديث يرد عليه ، ولذلك جعله الجوهري للرجل أيضا .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وإنما الأعمال " أي : اعتبار الأعمال بالعواقب .

                                                                                                                                                                                  وفيه حجة قاطعة على القدرية في قولهم : إن الإنسان يملك أمر نفسه ويختار لها الخير والشر .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية