الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6249 3 - حدثنا أبو النعمان ، حدثنا حماد بن زيد ، عن غيلان بن جرير ، عن أبي بردة ، عن أبيه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين أستحمله ، فقال : والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه ، قال : ثم لبثنا ما شاء الله أن نلبث ، ثم أتي بثلاث ذود غر الذرى فحملنا عليها ، فلما انطلقنا قلنا - أو قال بعضنا - : والله لا يبارك لنا أتينا النبي صلى الله عليه وسلم نستحمله فحلف أن لا يحملنا ثم حملنا ، فارجعوا بنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنذكره ، فأتيناه فقال : ما أنا حملتكم بل الله حملكم ، وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير أو أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تفهم من معنى الحديث ، وأبو النعمان محمد كما مر ، وغيلان بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف ابن جرير بفتح الجيم الأزدي البصري ، وأبو بردة بضم الباء الموحدة وسكون الراء قيل : اسمه الحارث وقيل : عامر يروي عن أبيه أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في كفارات الأيمان عن قتيبة ، وأخرجه أيضا مطولا في كتاب الخمس في باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين فلينظر فيه ، وأخرجه مسلم في الأيمان عن خلف بن هشام وغيره ، وأخرجه أبو داود في الأيمان عن سليمان بن حرب ، وأخرجه النسائي في الأيمان عن قتيبة ، وأخرجه ابن ماجه في الكفارات عن أحمد بن عبدة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " في رهط " قد ذكرنا غير مرة أن الرهط ما دون العشرة من الرجال لا يكون فيهم امرأة ولا واحد له من لفظه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " من الأشعريين " جمع أشعري نسبة [ ص: 166 ] إلى الأشعر ، واسمه نبت بن أدد بن يشخب بن عريب بن زيد بن كهلان ، وإنما قيل له : الأشعر لأن أمه ولدته أشعر .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أستحمله " أي : أطلب منه ما يحملنا من الإبل ويحمل أثقالنا ، وذلك كان في غزوة تبوك ، قال الله تعالى : ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم الآية .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ثم أتي " على صيغة المجهول أي : النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                  قوله : " بثلاث ذود " بفتح الذال المعجمة وسكون الواو وبالدال المهملة وهو الإبل من الثلاث إلى العشرة ، وهي مؤنثة ليس لها واحد من لفظها ، والكثير أذواد ، وقيل : الذود الواحد من الإبل بدليل قوله : " ليس فيما دون خمس ذود صدقة " ، وقال القزاز : العرب تقول الذود من الثلاثة إلى التسعة ، وقال أبو عبيد : هي من الإناث ، فلذلك قال بثلاث ذود ولم يقل بثلاثة ، وقال الكرماني : قيل هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " غر الذرى " بضم الغين المعجمة وتشديد الراء وهو جمع الأغر وهو الأبيض الحسن ، والذرى بضم الذال المعجمة وفتح الراء وكسرها جمع ذروة بالكسر والضم ، وذروة كل شيء أعلاه والمراد هنا الأسنمة ، وقد تقدم في كتاب الجهاد في باب الخمس في غزوة تبوك أنه ستة أبعرة ولا منافاة بينهما إذ ليس في ذكر الثلاث نفي الستة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فحملنا " بفتح اللام أي : حملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك ثم حملنا بفتح اللام .

                                                                                                                                                                                  قوله : " بل الله حملكم " يعني لا معطي إلا الله ، والمعنى إنما أعطيتكم من مال الله أو بأمر الله لأنه كان يعطي بالوحي .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وإني " اسم إن ياء الإضافة وخبرها قوله : " لا أحلف . . . إلى آخره " والجملتان معترضتان بين اسم إن وخبرها .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أو أتيت " إما شك من الراوي في تقديم أتيت على تقديم كفرت والعكس ، وإما تنويع من رسول الله صلى الله عليه وسلم إشارة إلى جواز تقديم الكفارة على الحنث وتأخيرها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية