الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6404 15 - حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يأثم ، فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه ، والله ما انتقم لنفسه في شيء يؤتى إليه قط حتى تنتهك حرمات الله ، فينتقم لله .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله : " والله ما انتقم لنفسه " أي ما عاقب أحدا على مكروه أتاه من قبله .

                                                                                                                                                                                  وأخرج الحديث عن يحيى بن عبد الله بن بكير المصري عن الليث بن سعد عن عقيل بضم العين ابن خالد ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن عروة بن الزبير ... إلخ ، ومضى في باب صفة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ; فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك ، عن ابن شهاب عن عروة ... إلخ .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال ابن بطال : هذا التخيير ليس من الله ; لأن الله لا يخير رسوله بين أمرين أحدهما إثم إلا إن كان في الدين أحدهما يؤول إلى الإثم ، كالغلو ; فإنه مذموم كما لو أوجب على نفسه شيئا شاقا من العبادة ، فيعجز عنه ، ومن ثمة نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الترهب ، وقال ابن التين : المراد التخير في أمر الدنيا ، وأما أمر الآخرة فكلما صعب كان أعظم ثوابا ، وقال الكرماني رحمه الله : إن كان التخيير من الكفار فظاهر ، وإن كان من الله والمسلمين فمعناه ما لم يؤده إلى إثم كالتخيير في المجاهدة والاقتصاد فيها ، فإن المجاهدة بحيث تنجر إلى الهلاك لا تجوز . قوله : " ما لم يأثم " ، وفي رواية المستملي : " ما لم يكن إثم " . قوله : " كان أبعدهما منه " أي كان الإثم أبعد الأمرين من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم . قوله : " يؤتى " على [ ص: 276 ] صيغة المجهول . قوله : " حتى تنتهك " على صيغة المجهول بالنصب ، قوله : " فينتقم " يجوز فيه النصب والرفع ، فالنصب عطف على تنتهك والرفع على تقدير فهو ينتقم لله .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية