الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6581 1 - حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، وحدثني عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر قال الزهري: فأخبرني عروة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ; فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فتزود لمثلها، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ . فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال اقرأ . فقلت: ما أنا بقارئ، فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ باسم ربك الذي خلق حتى بلغ ما لم يعلم فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال: يا خديجة ما لي؟ وأخبرها الخبر، وقال: قد خشيت على نفسي، فقالت له: كلا، أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وهو ابن عم خديجة أخو أبيها، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: أي ابن عم اسمع من ابن أخيك . فقال ورقة: ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذعا أكون حيا حين يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أومخرجي هم؟ فقال ورقة: نعم، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رءوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدى له جبريل فقال: يا محمد إنك رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا، فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه، فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن عباس: فالق الإصباح [ ص: 128 ] ضوء الشمس بالنهار، وضوء القمر بالليل .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا الحديث قد مر في أول الكتاب، ومضى الكلام فيه مستوفى .

                                                                                                                                                                                  وعائشة لم تدرك هذا الوقت، فإما أنها سمعته من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أو من صحابي آخر .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه هنا من طريقين: أحدهما عن يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي المصري ، عن الليث بن سعد المصري ، عن عقيل - بضم العين - ابن خالد ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، والآخر عن عبد الله بن محمد الجعفي المعروف بالمسندي ، عن عبد الرزاق بن همام ، عن معمر بن راشد ، عن محمد بن مسلم الزهري ، وكتب بين الإسناد حرف ( ح ) إشارة إلى التحويل من إسناد قبل ذكر الحديث إلى إسناد آخر، وقال الكرماني : أو الإشارة إلى (صح) أو إلى الحائل أو إلى الحديث .

                                                                                                                                                                                  قوله " فأخبرني عروة " ذكر حرف الفاء إشعارا بأنه روى له حديثا، ثم عقبه بهذا الحديث فهو عطف على مقدر، ووقع عند مسلم عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق مثله، لكن فيه: وأخبرني بالواو لا بالفاء .

                                                                                                                                                                                  قوله: " الصادقة " ، وفي رواية: الصالحة، وهما بمعنى واحد بالنسبة إلى أمور الآخرة في حق الأنبياء عليهم السلام، وأما بالنسبة إلى أمور الدنيا فالصالحة أخص، فرؤيا النبي صلى الله عليه وسلم صادقة ، وقد تكون صالحة، وهي الأكثر، وغير صالحة بالنسبة إلى الدنيا كما وقع في الرؤيا يوم أحد، وأما رؤيا غير الأنبياء عليهم السلام فبينهما عموم وخصوص إن فسرنا الصادقة بأنها التي لا تحتاج إلى تعبير، وإن فسرناها بأنها غير الأضغاث فالصالحة أخص مطلقا، وقيل: الرؤيا الصادقة: ما يقع بعينه، أو ما يعبر في المنام، أو يخبر به من لا يكذب، والصالحة ما يسر، وقال الكرماني : الصالحة ما صلح صورتها، أو ما صلح تعبيرها، والصادقة: المطابقة للواقع .

                                                                                                                                                                                  قوله: " جاءت " هكذا رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره: جاءته .

                                                                                                                                                                                  قوله: " فلق الصبح " بفتح الفاء: ضوء الصبح وشقه من الظلمة وافتراقها منه، وجه التشبيه بفلق الصبح دون غيره هو أن شمس النبوة كانت الرؤيا مبادئ أنوارها، فما زال ذلك النور يتسع حتى أشرقت الشمس، فمن كان باطنه نوريا كان في التصديق بكريا كأبي بكر ، ومن كان باطنه مظلما كان في التكذيب خفاشا كأبي جهل ، وبقية الناس بين هاتين المنزلتين، كل منهم بقدر ما أعطي من النور .

                                                                                                                                                                                  قوله: " حراء " بكسر الحاء وبالمد، وهو الأفصح، وحكي بتثليث أوله مع المد والقصر، والصرف وعدمه، فتجتمع فيه عدة لغات مع قلة أحرفه، ونظيره قباء ، والخطابي جزم بأن فتح أوله لحن، وكذا ضمه، وكذا قصره، قيل: الحكمة في تخصيصه بالتخلي فيه أن المقيم فيه كانت تمكنه فيه رؤية الكعبة ، فتجتمع فيه لمن يخلو فيه ثلاث عبادات: الخلوة والتعبد والنظر إلى البيت، وقيل: إن قريشا كانت تفعله، وأول من فعل ذلك من قريش عبد المطلب ، وكانوا يعظمونه لجلالته وكبر سنه، فتبعه على ذلك من كان يتأله، وكان صلى الله تعالى عليه وسلم يخلو بمكان جده، وسلم له ذلك أعمامه لكرامته عليهم .

                                                                                                                                                                                  قوله: " وهو التعبد " تفسير للتحنث الذي في ضمن يتحنث، وهو إدراج من الراوي .

                                                                                                                                                                                  قوله: " الليالي ذوات العدد " قال الكرماني : (الليالي) مفعول (يتحنث)، و (ذوات) بالكسر أي كثيرة، وقال الكرماني : الليالي ذوات العدد يحتمل الكثرة، إذ الكثير يحتاج إلى العدد، وقال غيره: المراد به الكثرة ; لأن العدد على قسمين، فإذا أطلق أريد به مجموع القلة والكثرة، فكأنها قالت: ليالي كثيرة، أي مجموع قسمي العدد .

                                                                                                                                                                                  قوله: " فتزود لمثلها " كذا في رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره: فتزوده بالضمير، وقوله " لمثلها " أي لمثل الليالي، وقيل: يحتمل أن يكون للمرة أو الفعلة أو الخلوة أو العبادة، وقال بعض من عاصرناه: إن الضمير للسنة، فذكر من رواية ابن إسحاق : كان يخرج إلى غار حراء في كل عام شهرا من السنة يتنسك فيه، يطعم من جاءه من المساكين، قال: وظاهره التزود لمثلها كان في السنة التي تليها لا لمرة أخرى من تلك السنة، واعترض عليه بعض تلامذته بأن مدة الخلوة كانت شهرا، كان يتزود لبعض ليالي الشهر، فإذا نفد ذلك الزاد رجع إلى أهله فيتزود قدر ذلك من جهة أنهم لم يكونوا في سعة بالغة من العيش، وكان غالب زادهم اللبن واللحم، وذلك لا يدخر منه كفاية الشهر لئلا يسرع إليه الفساد، ولا سيما وقد وصف بأنه كان يطعم من يرد عليه .

                                                                                                                                                                                  قوله: " حتى فجئه الحق " كلمة (حتى) هنا على أصلها لانتهاء الغاية، والمعنى: انتهى توجهه لغار حراء بمجيء الملك وترك ذلك، وفجئه بفتح الفاء وكسر الجيم وبهمزة: فعل ماض، أي جاءه الوحي بغتة، وقال الطيبي : الحق أي أمر الحق، وهو الوحي أو رسول الحق، وهو جبريل [ ص: 129 ] عليه السلام، وقيل: الحق: الأمر البين الظاهر، أو المراد الملك بالحق، أي: الأمر الذي بعث به .

                                                                                                                                                                                  قوله: ( فجاءه ) الفاء فاء التفسيرية، وقيل: يحتمل أن تكون للتعقيب، وقيل: يحتمل أن تكون سببية .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فيه ) أي: في الغار، وهذا يرد قول من قال: إن الملك لم يدخل إليه الغار، بل كلمه والنبي صلى الله عليه وسلم داخل الغار، والملك على الباب، والملك هنا جبريل عليه السلام، وقيل: اللام فيه لتعريف الماهية لا للعهد، إلا أن يكون المراد به ما عهده عليه السلام قبل ذلك لما كلمه في صباه، وكان سن النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه جبريل عليه السلام في غار حراء أربعين سنة على المشهور، وكان ذلك يوم الاثنين نهارا في شهر رمضان في سابع عشرة، وقيل: في سابعه، وقيل: في رابع عشرين، وقيل: كان في سابع عشرين شهر رجب، وقيل: في أول شهر ربيع الأول، وقيل: في ثامنه .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فقال: اقرأ ) ظاهره أنه لم يتقدم من جبريل شيء قبل هذه الكلمة ولا السلام، وقيل: يحتمل أنه سلم وحذف ذكره، وروى الطيالسي : أن جبريل سلم أولا، ولم ينقل أنه سلم عند الأمر بالقراءة .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فقال: اقرأ ) قيل: دلت القصة على أن مراد جبريل عليه السلام أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم نص ما قاله، وهو قوله: اقرأ، وإنما لم يقل له: قل اقرأ، لئلا يظن أن لفظة (قل) أيضا من القرآن .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: ما الذي أراد باقرأ؟

                                                                                                                                                                                  قلت: هو المكتوب الذي في النمط . كذا في رواية ابن إسحاق فلذلك قال: ما أنا بقارئ، يعني: أنا أمي لا أحسن قراءة الكتب .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: ما كان المكتوب في ذلك النمط؟

                                                                                                                                                                                  قلت: الآيات الأول من اقرأ باسم ربك وقيل: ويحتمل أن يكون ذلك جملة القرآن نزل باعتبار، ثم نزل منجما باعتبار آخر، وفيه إشارة إلى أن أمره تكمل باعتبار الجملة، ثم تكمل باعتبار التفصيل .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فغطني ) من الغط بالغين المعجمة، وهو العصر الشديد والكبس .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن الأثير : قيل: إنما غطه ليختبره: هل يقول من تلقاء نفسه شيئا، وقيل: لتنبيهه واستحضاره ونفي منافيات القراءة عنه .

                                                                                                                                                                                  وقال السهيلي : تأويل الغطات الثلاث أنها كانت في النوم أنه ستقع له ثلاث شدائد يبتلى بها، ثم يأتي الوحي، وكذا كانت الأولى في الشعب لما حصرتهم قريش ، فإنه لقي ومن تبعه شدة عظيمة، الثانية: لما خرجوا توعدوهم بالقتل حتى فروا إلى الحبشة ، والثالثة: لما هموا به ما هموا من المكر به، كما قال تعالى: وإذ يمكر بك الذين كفروا الآية، فكانت له العاقبة في الشدائد الثلاث .

                                                                                                                                                                                  وقال ممن عاصرناه من المشايخ ما ملخصه: إن هذه المناسبة حسنة ولا يتعين للنوم، بل يكون بطريق الإشارة في اليقظة .

                                                                                                                                                                                  وقال: ويمكن أن تكون المناسبة أن الأمر الذي جاءه به ثقيل من حيث القول والعمل والنية، أو من جهة التوحيد والأحكام والإخبار بالغيب الماضي والآتي، وأشار بالإرسالات الثلاث إلى حصول التيسير والتسهيل والتخفيف في الدنيا والبرزخ والآخرة، عليه وعلى أمته صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                  قوله ( حتى بلغ مني الجهد ) بضم الجيم: الطاقة، وبفتحها: الغاية، ويجوز فيه رفع الدال ونصبها، أما الرفع فعلى أنه فاعل (بلغ) وهي القراءة التي عليها الأكثرون، وهي المرجحة، وأما النصب فعلى أن فاعل (بلغ) هو الغط الذي دل عليه قوله: غطني، والتقدير: بلغ مني الغط جهده، أي غايته .

                                                                                                                                                                                  وقال الشيخ التوربشتي : لا أرى الذي قاله بالنصب إلا وهما، فإنه يصير المعنى أنه غطه حتى استفرغ الملك قوته في ضغطه، بحيث لم يبق فيه مزيد، وهو قول غير سديد، فإن البنية البشرية لا تطيق استنفاد القوة الملكية لا سيما في مبتدإ الأمر، وقد صرح في الحديث بأنه دخله الرعب من ذلك، انتهى . وقيل: لا مانع أن يكون الله قواه على ذلك ويكون من جملة معجزاته .

                                                                                                                                                                                  وقال الطيبي في جوابه: بأن جبريل لم يكن حينئذ على صورته الملكية، فيكون استفراغ جهده بحسب صورته التي جاءه بها حين غطه .

                                                                                                                                                                                  وقال: وإذا صحت الرواية اضمحل الاستبعاد، انتهى . وفيه تأمل .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فرجع بها ) أي: مصاحبا بالآيات المذكورة الخمس .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ترجف بوادره ) جملة حالية، والبوادر جمع البادرة، وهي اللحمة بين العنق والمنكب، وقد تقدم في بدء الوحي بلفظ: فؤاده، قيل: الحكمة في العدول عن القلب إلى الفؤاد أن الفؤاد وعاء القلب، فإذا حصل الرجفان للفؤاد حصل لما فيه .

                                                                                                                                                                                  قوله ( الروع ) بفتح الراء: الفزع .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ما لي ) أي: ما كان الذي حصل لي؟

                                                                                                                                                                                  قوله ( قد خشيت على نفسي ) هكذا رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره ( خشيت علي ) بالتشديد، يعني من أن يكون مرضا أو عارضا من الجن .

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : قالوا: الأولى خشيت أني لا أقوى على تحمل أعباء الرسالة ومقاومة الوحي .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فقالت له: كلا ) أي: فقالت خديجة للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم: كلا، أي: ليس الأمر كما زعمت، بل لا خشية عليك [ ص: 130 ] وأصل كلمة (كلا) للردع والإبعاد، وقد يجيء بمعنى حقا .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أبشر ) خطاب من خديجة للنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وهو أمر من البشارة بكسر الباء وضمها، وهو اسم، والمصدر بشر وبشور، من بشرت الرجل أبشره بالضم، أي: أدخلت له سرورا وفرحا، ولم يعين فيه المبشر به، ووقع في دلائل النبوة للبيهقي من طريق أبي ميسرة مرسلا مطولا، وفي آخر: فأبشر، فإنك رسول الله حقا، وفيه: لا يفعل الله بك إلا خيرا .

                                                                                                                                                                                  قوله ( لا يخزيك الله أبدا ) من الخزي بالمعجمتين وهو الذل والهوان، وفي رواية الكشميهني : لا يحزنك الله، من الحزن بالحاء المهملة والنون .

                                                                                                                                                                                  قوله ( الكل ) أي: ثقل من الناس .

                                                                                                                                                                                  قوله ( على نوائب الحق ) جمع نائبة، وهي ما ينوب الإنسان، أي: ينزل به من المهمات والحوادث .

                                                                                                                                                                                  قوله ( وهو ابن عم خديجة رضي الله تعالى عنها أخو أبيها ) كذا وقع هنا، و (أخو) صفة للعم، فكان حقه أن يذكر مجرورا، وكذا وقع في رواية ابن عساكر : أخي أبيها . ووجه رواية الرفع أنه مبتدأ محذوف، أي: هو أخو أبيها، وفائدته دفع المجاز في إطلاق العم عليه .

                                                                                                                                                                                  قوله ( تنصر ) أي: دخل في دين النصرانية .

                                                                                                                                                                                  قوله ( في الجاهلية ) أي: قبل البعثة المحمدية .

                                                                                                                                                                                  قوله ( بالعبرانية ) بكسر العين، وكذلك العبري، قال الجوهري : هو لغة اليهود ، وقد ذكرنا في أول الكتاب في هذا الحديث أن العبراني نسبة إلى العبر، وزيدت فيه الألف والنون في النسبة على غير القياس .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن الكلبي : ما أخذ على غربي الفرات في قرية العرب يسمى العبر، وإليه ينسب العبريون من اليهود ; لأنهم لم يكونوا عبروا الفرات .

                                                                                                                                                                                  قوله ( اسمع من ابن أخيك ) إنما قالته تعظيما وإظهارا للشفقة ; لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم لم يكن ابن أخي ورقة .

                                                                                                                                                                                  قوله " هذا الناموس " هو صاحب السر، يعني جبريل عليه السلام، وقد مر الكلام فيه مطولا .

                                                                                                                                                                                  قوله ( جذعا ) بفتح الجيم والذال المعجمة وهو الشاب القوي، وانتصابه على تقدير: ليتني أكون جذعا، أو هو منصوب على مذهب من ينصب بـــــــ (ليت) الجزأين، أو حال، قاله الكرماني . قلت: لا يكون حالا إلا بالتأويل .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أومخرجي هم؟ ) الهمزة للاستفهام، والواو للعطف على مقدر بعدها، و (هم) مبتدأ، و (مخرجي) مقدما خبره، وأصله مخرجين، فلما أضيف إلى ياء المتكلم سقطت النون .

                                                                                                                                                                                  قوله ( بما جئت به ) وفي رواية الكشميهني : بمثل ما جئت به .

                                                                                                                                                                                  قوله ( إلا عودي ) على صيغة المجهول، من المعاداة .

                                                                                                                                                                                  قوله ( نصرا مؤزرا ) بالهمزة في رواية الأكثرين، من التأزير وهو التقوية، وأصله من الأزر وهو القوة .

                                                                                                                                                                                  وقال القزاز : الصواب موازرا بغير همز، من وازرته إذا عاونته، ومنه أخذ وزير الملك، ويجوز حذف الألف فتقول: نصرا موزرا، ويرد عليه قول الجوهري : أزرت فلانا: عاونته، والعامة تقول: وازرته .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ثم لم ينشب ) بفتح الشين المعجمة، أي: لم يلبث .

                                                                                                                                                                                  قوله ( حزن النبي صلى الله عليه وسلم ) من الحزن بضم الحاء وسكون الزاي وبفتحها .

                                                                                                                                                                                  قوله ( عدا ) بالعين المهملة من العدو، وهو الذهاب بسرعة، ومنهم من أعجمها، فيكون من الذهاب غدوة .

                                                                                                                                                                                  قوله ( يتردى ) أي: يسقط .

                                                                                                                                                                                  قوله ( شواهق الجبال ) الشواهق جمع شاهق وهو المرتفع العالي من الجبل .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فلما أوفى بذروة جبل ) أي: فلما أشرف بذروة جبل بكسر الذال المعجمة وبفتحها وضمها، والضم أعلى، وذروة كل شيء: أعلاه .

                                                                                                                                                                                  قوله ( تبدى له ) أي: ظهر له، وفي رواية الكشميهني : بدا له، وهو بمعنى ظهر أيضا .

                                                                                                                                                                                  قوله ( جأشه ) بالجيم والشين المعجمة، وهو النفس والاضطراب

                                                                                                                                                                                  قوله ( وقال ابن عباس .. إلخ ) ذكر هذا المعلق عن ابن عباس لأجل ما وقع في حديث الباب: إلا جاءت مثل فلق الصبح . ثبت هذا للنسفي ولأبي زيد المروزي ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني ، ووصله الطبري من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس في قوله ( فالق الإصباح ) يعني بالإصباح ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل، واعترض على البخاري بأن ابن عباس فسر الإصباح لا لفظ فالق الذي هو المراد هنا، وأجيب عنه بأن مجاهدا فسر قوله قل أعوذ برب الفلق بأن الفلق الصبح، فعلى هذا فالمراد بفلق الصبح إضاءته، والفالق اسم فاعل من ذلك .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية