الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  673 94 - حدثنا آدم بن أبي إياس، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا محارب بن دثار، قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: أقبل رجل بناضحين، وقد جنح الليل فوافق معاذا يصلي فترك ناضحه، وأقبل إلى معاذ فقرأ بسورة البقرة أو النساء فانطلق الرجل، وبلغه أن معاذا نال منه، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فشكا إليه معاذا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: يا معاذ أفتان أنت أو أفاتن - ثلاث مرار -؟ فلولا صليت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، فإنه يصلي وراءك الكبير، والضعيف، وذو الحاجة أحسب هذا في الحديث.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة فإن فيه شكوى صاحب الناضح إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من معاذ حين طول الصلاة، وهو إمام.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم أربعة قد ذكروا فيما مضى، ومحارب بضم الميم، وكسر الراء، ودثار بكسر الدال خلاف الشعار.

                                                                                                                                                                                  وفيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه السماع، وفيه القول في أربعة مواضع، وأخرجه النسائي أيضا.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه) قوله: ( بناضحين ) الناضح بالنون، والضاد المعجمة، والحاء المهملة ما استعمل من الإبل في سقي النخل والزرع، وهو البعير الذي يستقى عليه. قوله: ( وقد جنح الليل ) أي أقبل بظلمته، وهو بفتح النون من باب فتح يفتح. قوله: ( فقرأ سورة البقرة ) يقال: قرأها، وقرأ بها لغتان. قوله: ( أو النساء ) الشك من محارب دلت عليه رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة شك محارب، وبهذا يرد على من زعم أن الشك فيه من جابر. قوله: ( وبلغه ) أي بلغ الرجل، وهو صاحب الناضح. قوله: ( إليه ) أي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم. قوله: ( أفتان أنت )؟ فتان صفة واقعة بعد ألف الاستفهام رافعة لظاهر، ويجوز أن يكون مبتدأ وأنت سادا مسد الخبر، ويجوز أيضا أن تكون أنت مبتدأ، وهو خبره، وفتان صيغة مبالغة فاتن، وقوله: ( أو فاتن ) على وزن فاعل شك من الراوي. قوله: ( فلولا صليت ) أي فهلا صليت، وقال الخطابي: معناه فهلا قرأت، وقد [ ص: 244 ] علم أن لولا تأتي على أربعة أوجه منها أن تكون للتخصيص والعرض فتختص بالمضارع أو ما في تأويله، ومنها أن تكون للتوبيخ والتنديم فتختص بالماضي، ومنها لربط امتناع الثانية بوجود الأولى نحو لولا زيد لأكرمتك، ومنها أن تكون للاستفهام نحو: لولا أخرتني إلى أجل قريب وفيه خلاف، وهاهنا بمعنى القسم الثالث، وهو الظاهر، قوله بـ سبح اسم ربك الأعلى إلخ فيه دليل على أن أوساط المفصل إلى والضحى لأن هذه الصلاة صلاة العشاء، والسنة فيها القراءة من أوساط المفصل لا من قصاره ثم ذكر هذه السور الثلاث ليس للتخصيص بعينها لأن المراد هذه الثلاث أو نحوها من القصار كما جاء في بعض الروايات لفظ ونحوها. قوله: ( أحسب هذا في الحديث ) قائل أحسب هو شعبة الراوي عن محارب، ولفظة هذا إشارة إلى الجملة الأخيرة، وهي قوله: ( فإنه يصلي ) إلى آخره، والتذكير باعتبار المذكور، وقال الكرماني : المحسوب هو فلولا صليت إلى آخره لأن الحديث برواية عمرو فيما تقدم آنفا انتهى عنده، حيث قال: ولا أحفظهما، وقال الكرماني أيضا: أحسب يحتمل أن يكون كلام محارب أو من بعده، قلت: قد بين أبو داود الطيالسي أن قائله شعبة كما ذكرنا، وقد رواه غير شعبة من أصحاب محارب عنه بدونها، وكذا أصحاب جابر رضي الله تعالى عنه، وقال الكرماني أيضا: وقيل: أو إنه من كلام البخاري، وأن المراد به لفظ ذو الحاجة فقط، قلت: هذا الذي قاله تخمين وحسبان، فلذلك قال: هو لكن لم يتحقق لي ذلك لا سماعا ولا استنباطا من الكتاب.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية