الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6643 3 - حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، قال: سمعت سهل بن سعد يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أنا فرطكم على الحوض، من ورده شرب [ ص: 177 ] منه، ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدا، ليرد علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم، قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش، وأنا أحدثهم هذا، فقال: هكذا سمعت سهلا ، فقلت: نعم، قال: وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه، قال: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما بدلوا بعدك، فأقول: سحقا سحقا لمن بدل بعدي .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، و " يحيى بن بكير " هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي المصري ، ويعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله القاري من قارة حي من العرب أصله مدني سكن الإسكندرية ، وأبو حازم بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار ، والنعمان بن أبي عياش بتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة، واسم أبي عياش زيد بن الصامت الزرقي الأنصاري المدني ، وسهل بن سعد الأنصاري الساعدي .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في فضل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن قتيبة .

                                                                                                                                                                                  قوله: (من ورده شرب) ، وفي رواية الكشميهني : من ورده يشرب.

                                                                                                                                                                                  قوله: (لم يظمأ) ، قيل: هو كناية، عن أنه يدخل الجنة لأنه صفة من يدخلها.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : فإن قلت: قال أولا: من ورده شرب وآخرا: ليردن علي أقوام ثم يحال.

                                                                                                                                                                                  قلت: الورود في الأول إنما هو على الحوض، وفي الثاني عليه صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  قلت: فيه نظر لا يخفى.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ما بدلوا) ، وفي رواية الكشميهني : ما أحدثوا، واعلم أن حال هؤلاء المذكورين إن كانوا ممن ارتدوا عن الإسلام فلا إشكال في تبري النبي صلى الله عليه وسلم منهم وإبعادهم، وإن كانوا ممن لم يرتدوا ولكن أحدثوا معصية كبيرة من أعمال البدن أو بدعة من أعمال القلب، فقد أجابوا بأنه يحتمل أنه أعرض عنهم ولم يسمع لهم اتباعا لأمر الله فيهم حتى يعاقبهم على جنايتهم، ثم لا مانع من دخولهم في عموم شفاعته لأهل الكبائر من أمته، فيخرجون عند إخراج الموحدين من النار .

                                                                                                                                                                                  قوله: (سحقا) ، أي: بعدا، وكرر لفظ سحقا من سحق الشيء بالضم فهو سحيق، أي: بعيد، وأسحقه الله، أي: أبعده.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية