الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6684 45 - حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر، عن شريك بن عبد الله، عن سعيد بن المسيب، عن أبي موسى الأشعري قال: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- يوما إلى حائط من حوائط المدينة لحاجته، وخرجت في إثره، فلما دخل الحائط جلست على بابه، وقلت: لأكونن اليوم بواب النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يأمرني، فذهب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقضى حاجته، وجلس على قف البئر، فكشف عن ساقيه، ودلاهما في البئر، فجاء أبو بكر يستأذن عليه ليدخل، فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك، فوقف، فجئت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا نبي الله، أبو بكر يستأذن عليك، قال: ائذن له، وبشره بالجنة، فدخل، فجاء، عن يمين النبي -صلى الله عليه وسلم- فكشف عن ساقيه، ودلاهما في البئر، فجاء عمر، فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ائذن له، وبشره بالجنة، فجاء عن يسار النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكشف عن ساقيه، فدلاهما في البئر، فامتلأ القف فلم يكن فيه مجلس، ثم جاء عثمان، فقلت: كما أنت حتى استأذن لك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ائذن له، وبشره بالجنة معها بلاء يصيبه، فدخل، فلم يجد معهم مجلسا، فتحول حتى جاء مقابلهم على شفة البئر، فكشف عن ساقيه، ثم دلاهما في البئر، فجعلت أتمنى أخا لي وأدعو الله أن يأتي. قال ابن المسيب: فتأولت ذلك قبورهم اجتمعت هاهنا، وانفرد عثمان.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: " وبشره بالجنة معها بلاء يصيبه "وهذا من جملة الفتن التي تموج كموج البحر ؛ ولهذا خصه [ ص: 203 ] - صلى الله تعالى عليه وسلم - بالبلاء، ولم يذكر ما جرى على عمر رضي الله تعالى عنه؛ لأنه لم يمتحن مثل ما امتحن عثمان من التسلط عليه ومطالبة خلع الإمامة، والدخول على حرمه، ونسبة القبائح إليه.

                                                                                                                                                                                  وشريك بن عبد الله هو ابن أبي نمر ، ولم يخرج البخاري عن شريك بن عبد الله النخعي القاضي شيئا.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في فضل أبي بكر رضي الله تعالى عنه، عن محمد بن مسكين ، وأخرجه مسلم في الفضائل عن محمد بن مسكين أيضا.

                                                                                                                                                                                  قوله: " إلى حائط " هو بستان أريس بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون الياء آخر الحروف وبالسين المهملة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ولم يأمرني " يعني بأن أعمل بوابا، وقال الداودي : في الرواية الأخرى أمرني بحفظ الباب، وهو اختلاف، وليس المحفوظ إلا أحدهما. ورد عليه بإمكان الجمع بأنه فعل ذلك ابتداء من قبل نفسه، فلما استأذن أولا لأبي بكر ، وكان - صلى الله تعالى عليه وسلم - كشف عن ساقيه أمره بحفظ الباب.

                                                                                                                                                                                  قوله: " على قف البئر " وفي رواية الكشميهني : وجلس في قف البئر، والقف ما ارتفع من متن الأرض، وقال الداودي : ما حول البئر، وقال الكرماني : القف - بضم القاف - وهو البناء حول البئر، وحجر في وسطها وشفيرها ومصبها.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ودلاهما " أي: أرسلهما فيها.

                                                                                                                                                                                  قوله: " كما أنت " أي قف واثبت كما أنت عليه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " معها بلاء " هو البلية التي صار بها شهيد الدار.

                                                                                                                                                                                  قوله: " مقابلهم " اسم مكان فتحا، واسم فاعل كسرا.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فتأولت " وفي رواية الكشميهني : فأولت أي فسرت ذلك بقبورهم، وذلك من جهة كونهما مصاحبين له مجتمعين عند الحضرة المباركة التي هي أشرف البقاع على وجه الأرض لا من جهة أن أحدهما عن اليمين، والآخر عن اليسار.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وانفرد عثمان " يعني لم يدفن معهما ودفن في البقيع .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية