الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6760 [ ص: 258 ] 43 - حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك، فلما كان عام الفتح أخذه سعد فقال: ابن أخي، قد كان عهد إلي فيه. فقام إليه عبد بن زمعة فقال: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه! فتساوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال سعد: يا رسول الله، ابن أخي، كان عهد إلي فيه. وقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو لك يا عبد بن زمعة. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش، وللعاهر الحجر . ثم قال لسودة بنت زمعة : احتجبي منه - لما رأى من شبهه بعتبة، فما رآها حتى لقي الله تعالى.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  وجه إيراد هذا الحديث السابق أن الحكم بحسب الظاهر ، ولو كان في نفس الأمر خلاف ذلك فإنه -صلى الله عليه وسلم- حكم في ابن وليدة زمعة بحسب الظاهر وإن كان في نفس الأمر ليس من زمعة ، ولا يسمى ذلك خطأ في الاجتهاد، فيدخل هذا في معنى الترجمة.

                                                                                                                                                                                  وإسماعيل هو ابن أبي أويس .

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مضى في البيوع في باب تفسير المشتبهات؛ فإنه أخرجه هناك عن قزعة عن مالك ، وفي الفرائض عن قتيبة ، وفي المحاربين عن أبي الوليد ، ومضى الكلام فيه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (كان عتبة ) بضم العين وسكون التاء المثناة من فوق.

                                                                                                                                                                                  قوله: ( ابن وليدة زمعة ) ، الوليدة الجارية، و " زمعة " بسكون الميم وفتحها، واسم الابن عبد الرحمن .

                                                                                                                                                                                  قوله: (عهد إلي) بتشديد الياء، و " عهد " أوصى.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فتساوقا) من التساوق وهو مجيء واحد بعد واحد، والمراد هنا المسارعة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (هو لك) ؛ أي: أنه ابن أمته.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وللعاهر) ؛ أي الزاني.

                                                                                                                                                                                  قوله: ( الحجر ) ؛ أي الخيبة، كما يقال بفيه الحجر ، وقيل: يراد به الحجر الذي يرجم به المحصن - وليس بظاهر.

                                                                                                                                                                                  قوله: (احتجبي منه) ؛ أي: من الابن المتنازع فيه، إنما قال ذلك تورعا واحتياطا.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية