الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6859 60 - حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا سعيد ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للجزء الثاني للترجمة ظاهرة ، وسعيد هو ابن أبي أيوب الخزاعي المصري ، واسم أبي أيوب مقلاص بكسر الميم وسكون القاف ، وفي آخره صاد مهملة ، وكان ثقة ثبتا ، قوله : " عن أبيه " هو سعد بن أبي وقاص .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن يحيى بن يحيى وغيره ، وأخرجه أبو داود في السنة عن عثمان بن أبي شيبة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " إن أعظم المسلمين جرما " أي من حيث الجرم أي الذنب ، وفي رواية مسلم : إن أعظم الناس في المسلمين جرما ، قال الطيبي : [ ص: 33 ] شيخ شيخي فيه من المبالغة أنه جعله عظيما ثم فسره بقوله : " جرما " ليدل على أنه نفس الجرم ، وقوله : " في المسلمين " أي في حقهم ، قوله : " عن شيء " وفي رواية سفيان "عن أمر " قوله : " لم يحرم " على صيغة المجهول من التحريم ، صفة لقوله شيء ، قوله : " فحرم " على صيغة المجهول أيضا من التحريم ، وفي رواية مسلم " عليهم " وله من رواية سفيان عليهم ، وقال ابن بطال عن المهلب : ظاهر الحديث يتمسك به القدرية في أن الله يفعل شيئا من أجل شيء ، وليس كذلك ; بل هو على كل شيء قدير ، فهو فاعل السبب والمسبب ، كل ذلك بتقديره ; ولكن الحديث محمول على التحذير مما ذكر ، فعظم جرم من فعل ذلك لكثرة الكارهين لفعله ، وقال غيره : أهل السنة لا ينكرون إمكان التعليل وإنما ينكرون وجوبه ، فلا يمتنع أن يكون المقدر الشيء الفلاني يتعلق به الحرمة إن سئل عنه ، وقد سبق القضاء بذلك لا أن السؤال علة للتحريم ، فإن قلت : قوله تعالى : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون يدل على وجوب السؤال ، قلت : هو معارض بقوله : " لا تسألوا عن أشياء " فالتحقيق أن المأمور به هو ما تقرر حكمه من وجوب ونحوه ، والمنهي هو ما لم يتعبد الله به عباده ولم يتكلم بحكم فيه ، فإن قلت : السؤال ليس يتعلق به حرمة ، ولئن تعلقت به فليس بكبيرة ، ولئن كانت فليست بأكبر الكبائر ، قلت : السؤال عن الشيء بحيث يصير سببا لتحريم شيء مباح هو أعظم الجرائم لأنه صار سببا لتضييق الأمر على جميع المسلمين ، فالقتل مثلا مضرته راجعة إلى المقتول وحده بخلافه فإنه عام للكل .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية