الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6862 63 - حدثنا موسى ، حدثنا أبو عوانة ، حدثنا عبد الملك ، عن وراد كاتب المغيرة قال : كتب معاوية إلى المغيرة : اكتب إلي ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكتب إليه : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، وكتب إليه إنه كان ينهى عن قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال ، وكان ينهى عن عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للجزء الأول للترجمة في قوله : " وكثرة السؤال " .

                                                                                                                                                                                  وموسى هو ابن إسماعيل ، وأبو عوانة بفتح العين المهملة اسمه الوضاح اليشكري ، وعبد الملك هو ابن عمير ، ووراد بفتح الواو وتشديد الراء كاتب المغيرة بن شعبة ومولاه .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري في مواضع في الصلاة في باب الذكر بعد الصلاة ، فإنه أخرجه هناك عن محمد بن يوسف إلى قوله : " منك الجد " ، وفي الرقاق عن علي بن مسلم ، وفي القدر عن محمد بن سنان ، وفي الدعوات عن قتيبة ، ومضى الكلام فيه في هذه المواضع .

                                                                                                                                                                                  قوله : " في دبر " أي في عقب كل صلاة ، قوله : " الجد " أي البخت والحظ أو أب الأب ، وبالكسر الاجتهاد ، أي لا ينفع ذا الغنى أو النسب أو الكد والسعي منك غناه ، وإنما ينفعه الإيمان والطاعة ، وقال الخطابي : " من " هاهنا بمعنى البدل ، وقال الجوهري : معنى " منك " هاهنا عندك تقديره ولا ينفع هذا الغنى عندك غنى ، وإنما ينفعهم العمل بطاعتك ، قوله : " وكتب إليه " عطف على قوله : " فكتب إليه " وهو موصول بالسند المذكور ، قوله : " عن قيل وقال " بلفظ الاسمين وبلفظ الفعلين الماضيين ، أي نهى عن الجدال والخلاف أو عن أقوال الناس ، قوله : " وكثرة السؤال " أي عن المسائل التي لا حاجة إليها ، أو عن أخبار الناس أو عن أحوال تفاصيل معاش صاحبك ، أو هو سؤال للأموال الاستكثار من المنافع الدنيوية ، قوله : " وإضاعة المال " هو صرفه في غير ما ينبغي ، قوله : " عن عقوق الأمهات " جمع أم وأصلها أمه ; فلذلك تجمع على أمهات ، وقال بعضهم : الأمهات للناس والأمات للبهائم ، قاله الجوهري ، وإنما اقتصر على الأمهات لأن حرمتهن آكد من الآباء ، ولأن أكثر العقوق يقع للأمهات ، قوله : " ووأد البنات " هو دفنهن أحياء تحت التراب ، وهذا كان من عادتهم في الجاهلية ، قوله : " ومنع " أي ومنع الرجل ما توجه عليه من الحقوق ، قوله : " وهات " أي ونهى عن طلب الرجل ما ليس له حاجة إليه ، وقال الجوهري : تقول هات يا رجل التاء أي أعطني وللاثنين هاتيان وللجمع هاتوا وللمرأة هاتي وللمرأتين هاتيا وللنساء هاتين مثل عاطين ، وقال الخليل : أصل هات من آتى يؤتى فقلبت الألف هاء .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية