الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  700 121 - حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ليث، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، أنه قال: خر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فرس فجحش، فصلى لنا قاعدا، فصلينا معه قعودا، ثم انصرف فقال: إنما الإمام - أو إنما جعل الإمام - ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق عن قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعيد، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن أنس بن مالك قوله: " خر " بفتح الخاء المعجمة وتشديد الراء: أي وقع، من الخرور وهو السقوط.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فجحش " بتقديم الجيم على الحاء المهملة: أي خدش، وهو أن يتقشر جلد العضو. قوله: " فلما انصرف "، وفي رواية الكشميهني : " ثم انصرف ". قوله: " أو إنما " شك من الراوي في زيادة لفظ: " جعل " ومفعول " فكبروا "، ومفعول " ارفعوا " محذوفان.

                                                                                                                                                                                  قوله: " سمع الله لمن حمده " قال الكرماني : فلا بد أن يستعمل بمن، لا باللام.

                                                                                                                                                                                  (قلت): معناه سمع الحمد لأجل الحامد منه، (قلت): يقال: استمعت له، وتسمعت إليه، وسمعت له، وسمعت عنه كله بمعنى: أي أصغيت إليه، قال الله تعالى: لا تسمعوا لهذا القرآن وقال تعالى: لا يسمعون إلى الملإ الأعلى والمراد منه في التسميع مجاز بطريق إطلاق اسم السبب، وهو الإصغاء على المسبب، وهو القبول والإجابة: أي أجاب له وقبله، بمعنى قبل الله حمد من حمده، يقال: سمع الأمير كلام فلان إذا قبل، ويقال: ما سمع كلامه: أي رده، ولم يقبله، وإن سمع حقيقة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ولك الحمد " قال الكرماني : بدون الواو، وفي الرواية السابقة بالواو، والأمران جائزان، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر في مختار أصحابنا.

                                                                                                                                                                                  (قلت): روي هنا أيضا بالواو فلا يحتاج إلى هذا التصرف، وقوله: ولا ترجيح لأحدهما على الآخر غير مسلم؛ لأن بعضهم رجح الذي بدون الواو؛ لكونها زائدة، وفي المحيط: ربنا لك الحمد أفضل لزيادة الواو، وبعضهم رجح الذي بالواو؛ لأن تقديره: ربنا حمدناك، ولك الحمد، فيكون الحمد مكررا، ثم لفظ: " ربنا " لا يمكن أن يتعلق بما قبله؛ لأنه كلام المأموم، وما قبله كلام الإمام؛ بدليل فقولوا، بل هو ابتداء كلام، ولك الحمد حال منه: أي أدعوك والحال أن الحمد لك لا لغيرك، ولا يجوز أن يعطف على أدعوك؛ لأنها إنشائية، وتلك خبرية.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية