الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6933 135 - حدثنا المكي بن إبراهيم ، عن ابن جريج ، قال عطاء : قال جابر : قال أبو عبد الله ، وقال محمد بن بكر : حدثنا ابن جريج ، قال : أخبرني عطاء ، سمعت جابر بن عبد الله في أناس معه قال : أهللنا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحج خالصا ليس معه عمرة ، قال عطاء : قال جابر : فقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - صبح رابعة مضت من ذي الحجة ، فلما قدمنا أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نحل ، وقال : أحلوا وأصيبوا من النساء ، قال عطاء : قال جابر : ولم يعزم عليهم ، ولكن أحلهن لهم ، فبلغه أنا نقول : لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نحل إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المذي ، قال : ويقول جابر بيده هكذا وحركها ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم ، ولولا هديي لحللت كما تحلون ، فحلوا ، فلو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ، فحللنا وسمعنا وأطعنا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن أمره - صلى الله عليه وسلم - بإصابة النساء لم يكن على الوجوب ، ولهذا قال : ولم يعزم عليهم ، ولكن أحلهن ، أي : النساء ، لهم .

                                                                                                                                                                                  وابن جريج هو عبد الملك ، وعطاء هو ابن أبي رباح ، والحديث مر في الحج .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أصحاب " منصوب على الاختصاص . قوله : " قال جابر " معطوف على شيء محذوف ، يظهر هذا مما مضى في باب من أهل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولفظه : [ ص: 78 ] أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليا أن يقيم على إحرامه ، فذكر الحديث ، ثم قال : وقال جابر : أهللنا بالحج خالصا . قوله : " خالصا ليس معه عمرة " هو محمول على ما كانوا ابتدءوا به ، ثم يقع الإذن بإدخال العمرة في الحج وبفسخ الحج إلى العمرة ، فصاروا على ثلاثة أنحاء مثل ما قالت عائشة : منا من أهل بالحج ومنا من أهل بعمرة ومنا من جمع ، قال أبو عبد الله هو البخاري ، وقال محمد بن بكر البرساني بضم الباء الموحدة نسبة إلى برسان بطن من الأزد ، وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، وعطاء بن أبي رباح .

                                                                                                                                                                                  قوله : " في أناس معه " فيه التفات ; لأن مقتضى الكلام أن يقول معي ، ووقع كذلك في رواية يحيى القطان ، وقال الكرماني : ولعل البخاري ذكره تعليقا عن محمد بن بكر ; لأنه مات سنة ثلاث ومائتين . قوله : " فقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - " أي : مكة . قوله : " أمرنا " بفتح الراء . قوله : " أن نحل " أي : بأن نحل ، أي : بالإحلال ، أي : بأن نصير متمتعين بعد أن نجعله عمرة . قوله : " وأصيبوا من النساء " هو إذن لهم في جماع نسائهم . قوله : " إلا خمس " أي : خمس ليال . قوله : " أمرنا " بفتح الراء . قوله : " مذاكيرنا " جمع الذكر على غير قياس . قوله : " المذي " بفتح الميم وكسر الذال المعجمة ، وفي رواية المستملي : المني ، وكذا عند الإسماعيلي . قوله : " ويقول جابر بيده هكذا وحركها " أي : أمالها ، " وهكذا " إشارة إلى التقطر وكيفيته ، ووقع في رواية الإسماعيلي قال : يقول جابر : كأني أنظر إلى يده يحركها . قوله : " ولولا هديي لحللت كما تحلون " ، وفي رواية الإسماعيلي : لأحللت ، حل وأحل لغتان ، والمعنى : لولا أن معي الهدي لتمتعت ; لأن صاحب الهدي لا يجوز له التحلل حتى يبلغ الهدي محله ، وذلك في يوم العيد . قوله : " فلو استقبلت من أمري ما استدبرت " أي : لو علمت في أول الأمر ما علمت آخرا ، وهو جواز العمرة في أشهر الحج ، ما سقت الهدي .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية