الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6944 8 - حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا سليمان بن بلال ، حدثني عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله ; لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم ما في غد إلا الله ، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في آخر الاستسقاء ، فإنه أخرجه هناك عن محمد بن يوسف عن سفيان عن عبد الله بن دينار ، ومضى الكلام فيه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " مفاتيح الغيب " استعارة إما مكنية وإما مصرحة ، ولما كان جميع ما في الوجود محصورا في علمه شبهه الشارع بالمخازن ، واستعار لبابها المفتاح ، والحكمة في كونها خمسا الإشارة إلى حصر العوالم فيها ، ففي قوله : " ما تغيض الأرحام " إشارة إلى ما يزيد في النفس وينقص ، وخص الرحم بالذكر لكون الأكثر يعرفونها بالعادة ، ومع ذلك ينفي أن يعرف أحد حقيقتها ، وفي قوله : " ولا يعلم متى يأتي المطر " إشارة إلى العالم العلوي ، وخص المطر مع أن له أسبابا قد تدل بجري العادة على وقوعه لكنه من غير تحقيق ، وفي قوله : " ولا تدري نفس بأي أرض تموت " إشارة إلى أمور العالم السفلي ، مع أن عادة أكثر الناس أن يموت ببلده ولكن ليس ذلك حقيقة ، بل لو مات في بلده لا يعلم في أي بقعة يدفن فيها ولو كان هناك مقبرة لأسلافه ، بل قبر أعده هو له ، وفي قوله : " ولا يعلم ما في غد إلا الله " إشارة إلى أنواع الزمان وما فيها من الحوادث ، وعبر بلفظ غد لكون حقيقته أقرب الأزمنة ، وإذا كان مع قربه لا يعلم حقيقة ما يقع فيه ، وفي قوله : " ولا يعلم متى تقوم الساعة [ ص: 87 ] إلا الله " إشارة إلى علوم الآخرة ، فإذا لم يعلم أولها مع قربها فنفي علم ما بعدها أولى .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية