الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  861 26 - حدثنا عبدان قال : أخبرنا عبد الله قال : أخبرنا يحيى بن سعيد أنه سأل عمرة عن الغسل يوم الجمعة فقالت : قالت عائشة رضي الله عنها : كان الناس مهنة أنفسهم ، وكانوا إذا راحوا [ ص: 200 ] إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم : لو اغتسلتم .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله : " وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا " لأن الرواح لا يكون إلا بعد الزوال ، فإن قلت : روي عن الزهري أنه قال : المراد بالرواح في قوله : " من اغتسل يوم الجمعة " ثم راح الذهاب مطلقا ، فإذا كان كذلك لا توجد المطابقة بين الحديث والترجمة ، قلت : إما يكون مجازا أو مشتركا ، فعلى كل من التقديرين فالقرينة مخصصة في قوله : " من راح في الساعة الأولى " قائمة في إرادة مطلق الذهاب ، وفي هذا قائمة في الذهاب بعد الزوال .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) ، وهم خمسة : الأول : عبدان بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة وتخفيف الدال المهملة ، وبعد الألف نون ، واسمه عبد الله بن عثمان بن جبلة الأزدي أبو عبد الرحمن المروزي مات سنة إحدى وعشرين ومائتين ، الثاني : عبد الله بن المبارك ، الثالث : يحيى بن سعيد الأنصاري ، الرابع : عمرة بفتح العين المهملة وسكون الميم بنت عبد الرحمن بن سعد الأنصارية المدنية ، الخامس : عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد ، وبصيغة الإخبار كذلك في موضعين ، وفيه السؤال ، وفيه القول في أربعة مواضع ، وفيه شيخ البخاري مذكور باللقب ، وفيه رواية التابعية عن الصحابية ، وفيه رواية التابعي عن التابعية ، وفيه من الرواة مروزيان ، وهما شيخه ، وشيخ شيخه ، ومدني ، ومدنية ، وهما يحيى ، وعمرة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر من أخرجه غيره ) أخرجه مسلم أيضا في الصلاة عن محمد بن رمح عن الليث ، وأخرجه أبو داود في الطهارة عن مسدد عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد به .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) قوله : “ مهنة أنفسهم " بفتح الميم والهاء والنون ، جمع ماهن ككتبة جمع كاتب ، والماهن الخادم ، وحكى ابن التين أنه روي بكسر الميم وسكون الهاء ، وهو مصدر ، ومعناه : أصحاب خدمة أنفسهم .

                                                                                                                                                                                  قلت : هي رواية أبي ذر ، وفي رواية مسلم من طريق الليث عن يحيى بن سعيد : كان الناس أهل عمل ، ولم يكن لهم كفاءة ، أي : لم يكن لهم من يكفيهم العمل من الخدم ، قوله : “ إذا راحوا " أي : إذا ذهبوا بعد الزوال ; لأن حقيقة الرواح بعد الزوال عند أكثر أهل اللغة ، وفيه سؤال ذكرناه عن قريب مع جوابه ، قوله : “ لو اغتسلتم " كلمة لو ، إما للتمني ، فلا تحتاج إلى جواب ، وإما على أصلها فجوابها محذوف ، نحو : لكان حسنا ، ونحو ذلك .

                                                                                                                                                                                  ( ومما يستفاد منه ) أن وقت الجمعة بعد الزوال ، وهو وقت الظهر ، وأن الاغتسال مستحب لإزالة الرائحة الكريهة حتى لا يتأذى الناس ; بل الملائكة أيضا - .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية