الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  862 27 - حدثنا سريج بن النعمان قال : حدثنا فليح بن سليمان ، عن عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وسريج بضم السين المهملة ، وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف ، وفي آخره جيم ، ابن النعمان بضم النون البغدادي ، مات سنة سبع عشرة ومائتين ، وفليح بضم الفاء مر في أول كتاب العلم ، قوله : “ عن أنس " صرح الإسماعيلي من طريق زيد بن الحباب عن فليح بسماع عثمان له من أنس .

                                                                                                                                                                                  ذكر من أخرجه غيره : أخرجه أبو داود أيضا في الصلاة عن الحسن بن علي عن زيد بن الحباب عن فليح به ، وأخرجه الترمذي فيه عن أحمد بن منيع عن سريج بن النعمان به ، وعن يحيى بن موسى عن أبي داود عن فليح نحوه ، وقال : حسن صحيح ، وقال : وفي الباب عن سلمة بن الأكوع ، وجابر ، والزبير بن العوام .

                                                                                                                                                                                  قلت : وفيه أيضا عن سهل بن سعد ، وعبد الله بن مسعود ، وعمار بن ياسر ، وسعد القرظي ، وبلال رضي الله تعالى عنهم .

                                                                                                                                                                                  أما حديث سلمة بن الأكوع فأخرجه الأئمة الستة خلا الترمذي من رواية إياس بن سلمة بن الأكوع ، عن أبيه قال : كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمعة ، ثم ننصرف ، وليس للحيطان ظل نستظل به ، وفي رواية لمسلم : كنا نجمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا زالت الشمس ، ثم نرجع نتتبع الفيء .

                                                                                                                                                                                  وأما حديث جابر فأخرجه مسلم والنسائي من رواية جعفر بن محمد عن جابر بن عبد الله قال : كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم نرجع فنريح نواضحنا ، قال حسن يعني ابن عياش فقلت لجعفر : في أي ساعة تلك ؟ قال : بعد زوال الشمس .

                                                                                                                                                                                  وأما حديث [ ص: 201 ] الزبير بن العوام فأخرجه أحمد من رواية مسلم بن جندب عن الزبير قال : كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمعة ، ثم ننصرف فنبتدر في الآجام ، فما نجد من الظل إلا قدر موضع أقدامنا ، قال يزيد بن هارون : الآجام الآطام .

                                                                                                                                                                                  وأما حديث سهل بن سعد فأخرجه البخاري على ما يأتي ، وأخرجه أيضا مسلم ، والنسائي ، والترمذي .

                                                                                                                                                                                  وأما حديث عبد الله بن مسعود فأخرجه أحمد في مسنده .

                                                                                                                                                                                  وأما حديث عمار بن ياسر فرواه الطبراني في ( الكبير ) عنه قال : كنا نصلي الجمعة ، ثم ننصرف فما نجد للحيطان فيئا نستظل به .

                                                                                                                                                                                  وأما حديث سعد القرظي فأخرجه ابن ماجه عنه : أنه كان يؤذن يوم الجمعة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الفيء مثل الشراك .

                                                                                                                                                                                  وأما حديث بلال فرواه الطبراني في ( الكبير ) : أنه كان يؤذن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة إذا كان الفيء قدر الشراك إذا قعد النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر .

                                                                                                                                                                                  ذكر ما يستفاد منه : أجمع العلماء على أن وقت الجمعة بعد زوال الشمس إلا ما روي عن مجاهد أنه قال : يجوز فعلها في وقت صلاة العيد ; لأنها صلاة عيد .

                                                                                                                                                                                  وقال أحمد : تجوز قبل الزوال ، ونقله ابن المنذر عن عطاء ، وإسحاق ، ونقله الماوردي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه في السادسة .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن قدامة في ( المقنع ) : يشترط لصحة الجمعة أربعة شروط أحدها : الوقت ، وأوله أول وقت صلاة العيد ، قال : وقال الجرمي : يجوز فعلها في الساعة السادسة ، قال : وروي عن ابن مسعود ، وجابر ، وسعد ، ومعاوية أنهم صلوها قبل الزوال .

                                                                                                                                                                                  وقال القاضي وأصحابه : يجوز فعلها في وقت صلاة العيد . قال : وروي ذلك عن عبد الله عن أبيه قال : نذهب إلى أنها كصلاة العيد ، وأراد بعبد الله عبد الله بن أحمد بن حنبل .

                                                                                                                                                                                  وقال عطاء : كل عيد حين يمتد الضحى ; الجمعة ، والأضحى ، والفطر ; لما روي " عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : ما كان عيدا إلا في أول النهار ، ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا الجمعة في ظل الحطيم " ، رواه ابن البختري في ( أماليه ) بإسناده ، واحتج بعض الحنابلة بقوله صلى الله عليه وسلم : " إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين " قالوا : فلما سماه عيدا جازت الصلاة فيه في وقت العيد كالفطر والأضحى ، وفيه نظر ; لأنه لا يلزم من تسمية يوم الجمعة عيدا أن يشتمل على جميع أحكام العيد ، بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقا سواء صام قبله أو بعده بخلاف يوم الجمعة بالاتفاق .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية