الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  902 67 - ( حدثنا حيوة بن شريح ، قال :حدثنا محمد بن حرب ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم ، وقام الناس معه ، فكبر ، وكبروا معه ، وركع ، وركع ناس منهم ، ثم سجد ، وسجدوا معه ، ثم قام للثانية ، فقام الذين سجدوا وحرسوا إخوانهم ، وأتت الطائفة الأخرى ، فركعوا ، وسجدوا معه ، والناس كلهم في صلاة ، ولكن يحرس بعضهم بعضا ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : "حرسوا إخوانهم" .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم ستة : الأول : حيوة بفتح الحاء المهملة ، وسكون الياء آخر الحروف ، وفتح الواو ، وفي آخره هاء ، ابن شريح بضم الشين المعجمة ، وفتح الراء ، وسكون الياء آخر الحروف ، وفي آخره حاء مهملة ، أبو العباس الحمصي الحضرمي ، وهو حيوة الأصغر ، مات سنة أربع وعشرين ومائتين ، الثاني : محمد بن حرب ضد الصلح ، الخولاني الحمصي المعروف بالأبرش ، مات سنة اثنتين وتسعين ومائة ، الثالث : محمد بن الوليد الزبيدي ، يكنى أبا الهذيل الشامي الحمصي ، والزبيدي بضم الزاي ، وفتح الباء الموحدة ، وسكون الياء آخر الحروف ، وكسر الدال المهملة نسبة إلى زبيد ، وهو منبه بن صعب ، وهذا هو زبيد الأكبر ، الرابع : محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، الخامس : عبيد الله بضم العين ابن عبد الله بالتكبير ابن عتبة بضم العين المهملة ، وسكون التاء المثناة من فوق ، وفتح الباء الموحدة ، ابن مسعود الهزلي ، أبو عبد الله المدني ، الفقيه الأعمى أحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، مات سنة تسعة وتسعين ، السادس : عبد الله بن عباس .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع ، وفيه القول في موضعين ، وفيه عن الزبيدي ، وفي رواية الإسماعيلي ، حدثنا الزبيدي ، وفيه أن الثلاثة الأول من الرواة حمصيون ، والاثنان بعدهم مدنيان ، وفيه الاثنان منهم مذكوران بالنسبة ، وفيه أحدهم اسمه مصغر ، والحديث أخرجه النسائي في «الصلاة" أيضا عن عمرو بن عثمان ، عن محمد بن حرب ، عن الزبيدي ، عنه به .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) ، قوله : " وركع ناس منهم " زاد الكشميهني "معه" قوله : "ثم قام للثانية " أي للركعة الثانية ، وكذا في رواية النسائي والإسماعيلي "ثم قام إلى الركعة الثانية فتأخر الذين سجدوا معه" ، قوله : "وأتت الطائفة الأخرى” أي الذين لم يركعوا ولم يسجدوا معه في الركعة الأولى ، قوله : " فركعوا وسجدوا " ، وفي رواية النسائي والإسماعيلي "فركعوا مع النبي صلى الله عليه وسلم" ، قوله : "كلهم في صلاة" زاد الإسماعيلي "يكبرون" ، ولم يقع في رواية الزهري هذه : هل أكملوا الركعة الثانية أم لا ؟ وقد رواه النسائي من طريق أبي بكر بن أبي الجهم عن شيخه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، فزاد في آخره "ولم يقضوا" وهذا كالصريح في اقتصارهم على كل ركعة ركعة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر ما يستفاد منه ) هذا الحديث في صورة ما إذا كان العدو بينه وبين القبلة ، فيصف الناس صفين ، فيركع بالصف الذي يليه ، ويسجد معه ، والصف الثاني قائم يحرس ، فإذا قام من سجوده إلى الركعة الثانية تقدم الصف الثاني ، وتأخر الأول ، فركع صلى الله عليه وسلم بهم، وأكمل الركعة وهم كلهم في صلاة ، وقد روي الحديث من طريق آخر "عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف بذي قرد والمشركون بينه وبين القبلة" ، وقد روى نحوه أبو عياش الزرقي ، وجابر بن عبد الله مرفوعا ، وبه قال ابن [ ص: 260 ] عباس ، إذا كان العدو في القبلة أن يصلى على هذه الصفة ، وهو مذهب ابن أبي ليلى ، وحكى ابن القصار عن الشافعي نحوه ، وقال الطحاوي : ذهب أبو يوسف إلى أن العدو إذا كان في القبلة فالصلاة هكذا ، وإذا كان في غيرها فالصلاة كما روى ابن عمر وغيره قال : وبهذا تتفق الأحاديث ، قال : وليس هذا بخلاف التنزيل لأنه يجوز أن يكون قوله ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك إذا كان العدو في غير القبلة ، ثم أوحي إليه بعد ذلك كيف حكم الصلاة إذا كانوا في القبلة ، ففعل الفعلين جميعا ، كما جاء الخبران ، وترك مالك ، وأبو حنيفة العمل بهذا الحديث لمخالفته للقرآن ، وهو قوله : ولتأت طائفة أخرى الآية ، والقرآن يدل على ما جاءت به الروايات في صلاة الخوف عن ابن عمر ، وغيره من دخول الطائفة الثانية في الركعة الثانية ، ولم يكونوا صلوا قبل ذلك ، وقال أشهب وسحنون : إذا كان العدو في القبلة لا أحب أن يصلى بالجيش أجمع لأنه يتعرض أن يفتنه العدو ، ويشغلوه ، ويصلى بطائفتين شبه صلاة الخوف ، والله تعالى أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية